القضاء حين يبحث عن الحقيقة

عبدالرحمن بجاش


عبدالرحمن بجاش –

{ قالوا لتشرشل إن الفساد يضرب بريطانيا فسأل سريعا : هل وصل إلى القضاء¿ قالوا : لا قال : بريطانيا بخير وبريطانيا بالفعل بخير وإلى اللحظة وفي عدن يتذكر الكبار أن عدن شهدت محاكمة تاريخية لأحد أولاد التجار الكبار وظل الناس يتوقعون أن القاضي سيحكم بما يضيع على التاجر كل ماله ليفاجئهم القاضي بأن حكم بـ «سنت واحد» ما جعل عدن يومها مذهولة!!
{ هذا هو القضاء العادل الذي يحفظ الحياة ويسيرها بوحي من عدل تام لا يفرق بين هذا وذاك وإذا مررت بجانب وزارة العدل سترى الحامل لميزان العدالة يعصب عينيه لا يعني ذلك أن القضاء أعمى بل النزيه الذي يرى الناس أمامه سواء.
{ من حق الشعب المصري أن يخرج إلى الشارع ومن حق القاضي أن يصدر حكمه بما يريح ضميره وبنفس مطمئنة إلى صواب ما قضى به هنا عظمة القضاء الذي لا يتأثر بأي ضغوط مهما عظمت.
{ المصريون في الشوارع يطالبون بإعادة محاكمة الرئيس السابق ومعاونيه والأحكام صدرت بما ثبت أمام القاضي ولا يصح معه أن توجه اللوم أو الاتهام للقاضي مهما بلغ بك الغضب «الأسباب بما للمحكمة من حق في تكوين عقيدتها بما هو ثابت في الأوراق بما تطمئن إليه من أدلة وقرائن مهما بلغت فهي الأمينة على الدعوى وهي التي تحقق وتدقق وخلاصة القول أن الأوراق جمعت كثيرا من الدفوع التي ساقها الدفاع في جريمة القتل العمد وفي باقي الجرائم الأخرى وتولت المحكمة الرد عليها بكل دقة وعناية قضائيا وقانونيا وفقهيا» وانتصر القضاء لضميره العام فهو ليس إلا جزءا من الشعب المصري فوصف ما حدث يوم 25 يناير 2011م : «أطلت على مصر شمس فجر جديد لم تره من قبل أشعته بيضاء حسناء وضاءة تلوح لشعب مصر العظيم بأمل طال انتظاره ليتحقق مع نفاذ أشعتها شعاع وضاح وهواء نقي زالت عنه الشوائب العالقة فتنفس الشعب الصعداء بعد طول كابوس ليل مظلم…» أما صياغة الحكم فعظيمة أسلوبا ولغة تعكس عظمة القضاء وممتهنيه انظر «إن واقعات التداعي المعروضة حسب ما استقر في وجدان وضمير المحكمة من واقع غوصها في الأوراق وما حوته من تحقيقات وما أرفق من مستندات عن بصر وبصيرة وما ارتاحت إليها عقيدتها وما وقر صحيحا ولازما وقاطعا في وجدانها رسخت صحة وإسنادا وثبوتا في يقين قاطع جازم تطمئن معه عقيدة المحكمة وتستريح مطمئنة البال هادئة الفكر إلى صحة وثبات وإثبات الثابت في أوراق التداعي…».
{ أوراق الدعوى التي قرأتها المحكمة قاربت الـ (160) ألف صحيفة هذا هو القضاء العظيم لا ينحاز إلا للحقيقة وأي إخفاق يتحمله جهاز النائب العام ومثل هذه الأحكام في القضايا الكبرى تودع متحف القضاء ليطلع عليها طلبة الحقوق كم نحن بحاجة إلى قضاء عظيم.

قد يعجبك ايضا