نبيل آخر!!

عبدالرحمن بجاش


 - أجمل ما في هذه اللحظة أنك تستطيع أن تكتب عمن يستحق الكتابة بدون أن تثور الدنيا ولا تقعد!! فقد مرت فترات كانت مجرد الإشارة إلى اسم فلان تقلب عليك كل مسببات النقمة ويشار إليك بالانتماء له ولما يمثله فإذا كان حزبيا فيا ويلك
عبدالرحمن بجاش –

أجمل ما في هذه اللحظة أنك تستطيع أن تكتب عمن يستحق الكتابة بدون أن تثور الدنيا ولا تقعد!! فقد مرت فترات كانت مجرد الإشارة إلى اسم فلان تقلب عليك كل مسببات النقمة ويشار إليك بالانتماء له ولما يمثله فإذا كان حزبيا فيا ويلك ويا سواد ليلك!! أما إذا كان ينتمي إلى أحد أحزاب اليسار فهي قصة لوحدها وقد مرت فترة طويلة ظل كثيرون يصنفون الناس رغما عن أنوفهم ليضروهم في أرزاقهم.
شكرا لشباب الساحات فهذه اللحظة يحسب فضلها لهم نبيل آخر فقدته هذه البلاد آن الأوان لنذكر اسمه ونطالب منú في رأسه عقل أن يدون سيرته للأجيال عبدالسلام الدميني تردد اسمه كثيرا أيام العمل السري للأحزاب وارتبط بالنبل وحين عرفته في موسكو بواسطة الصديق الدكتور عبدالقادر علي عبده وجدت عبدالسلام فوق ما أتصور فقد حدثني عنه بفخر هنا الصديق المهندس عبدالباسط الدميني أحد أفراد الدفعة الـ (13) في الكلية الحربية التي فصلت كلها ذات لحظة بسبب التصنيف إياه كانت المرحلة أيامها شعارها «منú ليس معي فهو ضدي» ومنú ليس في حزبي لا يستحق حتى أن أرد عليه السلام وكم يا أصدقاء خسروا بعضهم بسبب تباين الانتماء لهذا الحزب أو ذاك عبدالسلام كان فوق ذلك كله فلم يرهن علاقته بالآخرين بالالتزام للطليعة وإلا فهي الحرب!! أبدا كان صديق الجميع وأبا روحيا للنبل في أبهى صوره وإنسانا فوق الخيال وتخيل ذلك الرجل الرائع الذي غدر به وأخيه وهما من بيت الدميني النبيلة يقودك مريضا من سكنك إلى عيادة جامعة موسكو ويظل طوال النهار يشرح للطبيبة التي لا تكاد تعرف عن البلهارسيا شيئا أن المرض خاص بالمناطق الحارة ويظل «يداديك» كالطفل لا يتبرم ولا يتكبر كان ممن يمتلكون صفات القيادة والإجماع كان الجميع يستقطب الجميع حتى جهاز الأمن يبحث عن أعضاء جدد وما أكثر منú دبجوا التقارير ضد زملائهم!!
الدميني إذا لم تقتنع بالالتحاق بحزبه زادت أواصر العلاقة الشخصية وثوقا وأثبتت الأيام أنه الرجل النبيل الذي خسرته البلاد للأسف الشديد وفي مناطق أرحب منú يستطيع غير الرجل أن يكسب أنصارا لحزبه وهي مناطق اعتبرت مغلقة لكنه بصفاته غير العادية وانضباطه كضابط شرطة أضاف إلى صفاته عالية الروعة صفة إضافية وقيل أن الشيخ النبيل مجاهد أبو شوارب – وقد احتضن الكثير من شباب الضباط الحزبيين أيامها – كان يكبر الدميني ويحترمه وعبدالسلام النسخة من عبدالقادر سعيد الذي قرأت ذات مرة عبارة لدرهم أبو لحوم يصفه بـ «العدو النبيل».
على واجهة موقع «الاشتراكي نت» ترى صورة نبيلة لعبدالسلام الدميني وبضعة أسطر لا تكفي للحديث عن سيرة عطرة وعظيمة للرجل كان آخر عهدي به تلك الليلة التي دعانا فيها أستاذنا الكبير يحيى العرشي إلى عشاء في فندق دار الحمد العامر يومها وفي صالة صغيرة أعلى الفندق وكان هناك حوار يومها مع الجبهة الوطنية جلسنا ووسط ضوء خافت تسمرت كان الرجل أمامي في الناحية الثانية بجانب يحيى الشامي هممت بمد يدي للسلام فأشار لي سريعا بما فهمته لا سألت اليوم الثاني أين ينزل قيل في بيت أخيه القريب من المستشفى العسكري الآن فلم أوفق حين بحثت عنه صباح اليوم التالي جاء منú يخبرني بما حدث كم يحزن القلب والعقل على رجال أمثال عبدالسلام الدميني – رحمه الله – والخسران هذا الوطن الذي يحاول لملمة نفسه قدر المستطاع والله المستعان.

قد يعجبك ايضا