الدراجات النارية



أ.د عزيز ثابت سعيد
أضحت الدراجات النارية ظاهرة مؤرقة ومخيفة في المدن وخصوصا في شوارع العاصمة ولابد من الاعتراف بادئ ذي بدء أنها وسيلة كسب لشريحة من العاطلين عن العمل وما أكثرهم في بلادنا هذه الأيام وقبل هذه الأيام وثانيا هي وسيلة رخيصة للمواصلات فهي أغلى قليلا من الدبابات( جمع دباب) وأرخص من (التكاسي) وربما لها مزايا أخرى لكن – والحق يقال – ضرها أكبر من نفعها وأنا على ثقة أن القارئ الكريم يشاطرني الرأي ويستطيع أن يعدد الكثير من المساوئ التي باتت تنكد عيشنا المنكد أصلا جراء منغصات كثيرة في حياتنا اليومية. فهي وسيلة مزعجة بما تصدره من أصوات تفوق أصوات السيارات الكبيرة وهذه المسألة تسمع جليا عند صعود الدراجة شارعا مرتفعا كشارع 26 سبتمبر في تعز أو الشوارع المؤدية إلى شيراتون سعوان وغيرها من شوارع صنعاء ويزداد وقع هذا الضجيج عند هدأة الليل والناس قد خلدوا إلى النوم وهناك دراجات لا تكتفي بمنبهاتها وضجيجها بل تجدها وقد زودت بمكبرات أصوات مزعجة ومنفرة تستخدم كمنبهات (هون) وكوسيلة لإسماع الشارع ما يفسد ذائقة المارة من الأغاني الغريبة العجيبة .
أما الثانية وهي أدهى من الأولى فهي الطريقة التي يقود بها سائقو الدراجات النارية في الشوارع المزدحمة فكم نشاهد دراجات تناور وتحاول التجاوز بطريقة تسبب الحوادث وقد ترى سائق دراجة وعلى ظهرها 3 السائق وراكبان بل هناك مناظر أصبحت وسيلة للتندر على شبكات الانترنت تظهر دراجات نارية يمنية وعليها خمسة أشخاص لا تدري أي سحر استخدم قائدها حتى يحشر أو يرص أربعة أشخاص خلفه ومع هذا فقد تراه يقود الدراجة بتهور وعليك وعلى غيرك من السائقين أن تعطيه الطريق فهو يسابق ويدخل بين السيارات والشاحنات وقد يجد نفسه أمام شاحنة تشحنه ومن خلفه إلى القبر.
وهنا لا بد أن أعترف أن النصيحة التي تعطى لمن كان خارج اليمن مثلي هي “انتبه الموتورات ” ” الموتورات المشكلة الأولى في الطرقات” كيف لا والجزء الأول من الكلمة هو “الموت” أليس اسمها الموت (رات)¿
أما المشكلة الثالثة فهي أقسى وأنكأ من سابقتيها فقد احترف بعض سائقي الدراجات الجريمة والعياذ بالله فكم سمعنا قصصا لسائقي دراجات يخطفون حقائب نساء في الطرقات ونادرا ما يلحق بالجاني لأنه كما أسلفنا يتداخل مع السيارات وقد يتسبب في كوارث وهو في طريق الهروب .
جاءني صديقي وزميلي الدكتور عبدالوهاب المقالح حاملا نصف حقيبة حاسوبه قائلا إنه بينما كان يسير في الطريق إذ براكب دراجة يخطف الحقيبة من على كتفه وبما أن صديقنا من هواة اليوجا (رياضة التحكم في النفس) بل ومن الأساتذة في هذه الرياضة فقد استطاع أن يقاوم الخطفة رغم فجائتها لدرجة شطرت الحقيبة نصفين وفرت الدراجة مكتفية بنصف الحقيبة ومن حسن حظ الزميل العزيز أن حاسوبه (جهاز الكمبيوتر المحمول) لم يكن في الحقيبة في ذلك اليوم ولم يكن في ثناياها سوى كتب ونظاره..
وهناك قصص أخرى شخوصها جن الدراجات النارية والمارة من الآمنين والآمنات وبعض هذه القصص مفزع وكأنك وأنت تستمع إليها تشاهد فلما مثل في شوارع مدينة جاكسون فيل أو ميامي فلوريدا في الولايات المتحدة حيث تعمل الدراجات النارية جرائم يعلمها كل من عاش في تلك المدن ومن المضحك المبكي أن بعض هذه القصص لا يخلو من طرافة فهذه قصة يرويها زميل يقول: بينما كان أحد المارة يمشي من أمام بنك بأمان الله وفي يده كيس إذ بدراجة كانت متربصة على مقربة من البنك تنطلق بسرعة البرق وتخطف الكيس وبسرعة البرق أيضا تغيب في الزحام وما كان من صاحبنا المسكين إلا أن ركض بعدها وهو يصيح “هي دجي هي دجي _ والله إنها غدا العيال” !
أمر الدراجات النارية قد استفحل وأصبح ظاهرة ويخشى من أن تدخل منعطفات أسوأ مما ذكرنا وعليه فعلى الجهات المختصة التوقف عندها وإعادة النظر في مسألة السماح والترخيص لها.

قد يعجبك ايضا