مقترح بآلية مؤقتة للتدوير في الوظائف القيادية العليا

طاهر شمسان

 - قال تعالى في محكم كتابه العزيز « إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم»..فالدفع بالتي هي أحسن قاعدة ذهبية من قواعد الأخلاق تتضاعف قيمتها أكثر فأكثر عندما يتعلق الأمر بقضيةعامة..ومقامالقضاياالعامة يستوجب تقديم المقالات التي تجمع الناس والابتعاد عن تلك التي تفرقهم..وهذا هو
طاهر شمسان –

أحمد مؤنس
قال تعالى في محكم كتابه العزيز « إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم»..فالدفع بالتي هي أحسن قاعدة ذهبية من قواعد الأخلاق تتضاعف قيمتها أكثر فأكثر عندما يتعلق الأمر بقضيةعامة..ومقامالقضاياالعامة يستوجب تقديم المقالات التي تجمع الناس والابتعاد عن تلك التي تفرقهم..وهذا هو جوهر الإسلام الذي إذا اجتمعت فيه الأمة فإن مايجمعها لايمكن أن يكون ضلالا حتى وإن بدا للبعض أنهكفر بواح..أما إذا تفرقت الأمة فإن ما يفرقها هو عين الضلال حتى وإن بدا للبعض أنه إيمان خالص..وهذا هو فهمنا الخاص للدفع بالتي هي أحسن دون أن ندعي المطابقة بين ما قصده الله في قوله وبين فهمنا البشري لهذاالقول.
تمهيد لا بد منه:
في ستينيات القرن الماضي صنع اليمنيون ثورة في الشمال وأخرى في الجنوب..وفي 22 مايو 1990م تمكنوا من توحيد شطري البلاد بعد قرون من التشظي..لكنهم فشلوا في تأسيس دولة تحقق لهم الاستقرار السياسي وتؤمن شروط التنمية الشاملة والمستدامة..والفشل في تأسيس الدولة ألقى بظلاله الكثيفة على الثورة وعلى الوحدة فأصبحوا فاشلين في الثلاث وفي التنمية أيضا..ومعظم الخمسين عاما الماضية ذهب في صراعات وحروب ظلت تتغذى بشعارات الثورة والوحدة..وخلف هذه الصراعات توارى مشروع الدولة الوطني الكبير لتطفو على السطح المشاريع الصغيرة العائلية والجهوية والمذهبية والفئوية.
ومن أبرز مظاهر تواري المشروع الوطني للدولة جمودالنظام السياسي وعدم قابليته للإصلاح بالطرق السلمية وبآليات الديمقراطية المتوافق عليها الأمر الذي أفضى بالضرورة إلى مراكمة شروط أزمة وصلت إلى الذروة مطلع عام 2011..وفي هذه اللحظة التقطت فئةالشباب رسالتي تونس ومصر وحولتهما إلى عاصفة أنتجت مشهدا سياسيا مختلف اذهب معه فرقاء الحياة السياسية إلى تسوية يرعاها الشركاء الإقليميون والدوليون..والتسوية إما أن تفضي إلى قيام دولة بنظام سياسي مرن يقبل الإصلاح بالطرق السلمية وبآليات الديمقراطية وإما أن تفضي إلى إعادة إنتاج شروط نظام سياسي جامد يكررأزمات الماضي..في الحالة الأولى سيكون بمقدور اليمنيين العيش في ظل وطن موحد وآمن ومؤهل لتنمية شاملة ومستدامة..وفي الحالة الثانية لن يكون هناك يمن موحد ولن يكون هناك أمن ولن تكون هناك تنمية.
لا أحد يستطيع الآن أن يجزم بأن التسوية ستفضي إلى الإحتمال الأول أو إلى الإحتمال الثاني..فالبلاد تعيش حالة سيولة وتدافع سياسي بين نخب ومراكز قوى كانت تحكم وأخرى كانت تعارض..ولا يحتاج المرء إلى ذكاء إستثنائي كي يلاحظ وجود قاسم مشترك كبير يجمع بين طرفي التدافع..فالمعركة بينهما تدور داخل فضاءات عامة هي في الأوضاع الطبيعية فضاءات دولة كالجيش والأمن والخدمة المدنية..والطرفانلا يتدافعان داخل هذه الفضاءاتبمنهج الدولة وإنما بمنهج المحاصصة بين الأحزاب ومراكز القوى..وإذا تشابه الطرفان في المنهج سيغدو من السذاجة التعويل على اختلافهما في النوايا..لهذا السبب جاءهذا المقترح.
موضوع المقترح :
موضوع المقترح هو تدوير الوظائف القيادية العليا في الجهاز البيروقراطي للدولة «الخدمة المدنية» على النحو الذي يعيد هذا الجهاز إلى حظيرة الدولة ويضمن له الاستقرار المؤسسي والكفاءة في الأداء والحياد السياسي..والمقترح ينصرف تحديدا إلى الجزئية الخاصة بالخدمة المدنية كما وردت في البند الخامس من برنامج الفترة الإنتقالية المضمن في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية والذي ينص على «إتخاذ خطوات للمضي قدما نحو بناء نظام ديمقراطي كامل بما في ذلك إصلاح الخدمة المدنية والقضاء والإدارة المحلية»..ومن الناحية الإجرائية عرفنا الوظائف القيادية العليا بأنها الوظائف المسندة لوكلاء الوزارات ورؤساء الهيئات والمؤسسات والمصالح الحكومية وما في حكمها وكذلك مدراء العموم.
مبررات المقترح:
بما أن تدوير الوظائف القيادية العليا في الجهاز البيروقراطي للدولة يتم في فترة إنتقالية تتسم بالصراع والتدافع السياسي بين عدد كبير من الفرقاء فقد أردنا بهذا المقترح أن تتمكن أطراف حكومة الوفاق الوطني من إصلاح الخدمة المدنية بمنطق الدولة وليس بمنطق المحاصصة السياسية..ومنطق الدولة يعني تحرير جهازها الإداري من قبضة مراكز القوى في المؤتمر الشعبي العام وحلفائه دون أن يقع في قبضة مراكز القوى في أحزاب اللقاء المشترك وشركائه..وهنا بالتحديد تكمن مبررات تقديم هذا المقترح.<

قد يعجبك ايضا