التعليم السليم بوابة العبور نحو غد أفضل

يحيى يحيى السريحي

مقالة


 -  مثلت العصور الوسطى للدول والمجتمعات الأوربية والغربية عموما بأنها حقبة زمنية تميزت بالجهل والتخلف والانحطاط وما أن فاقت وخرجت من غياهب الجب الذي كانت تردح فيه وتنبهت دولها لسبب الظلم والظلمة التي كانت مخيمة عليها حتى سارعت بالاهتمام بالعلم والعلماء, وكانت الدول الإسلامية في ذات الوقت تعيش أوج
يحيى يحيى السريحي –

مقالة

مثلت العصور الوسطى للدول والمجتمعات الأوربية والغربية عموما بأنها حقبة زمنية تميزت بالجهل والتخلف والانحطاط وما أن فاقت وخرجت من غياهب الجب الذي كانت تردح فيه وتنبهت دولها لسبب الظلم والظلمة التي كانت مخيمة عليها حتى سارعت بالاهتمام بالعلم والعلماء, وكانت الدول الإسلامية في ذات الوقت تعيش أوج مجدها سيما في مجال التعليم مما جعلها محط اهتمام الأوربيين فأوفدوا أبناؤهم لينهلوا من ينابيع العلم والمعرفة في الدول الإسلامية ثم سرعان ما طور الأوربيون ما تعلموه فدلفت تلك الدول ومجتمعاتها لحقبة زمنية أكثر إشراقا وهو ما عرف بعصر النهضة ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم وهم يولون العلم والتعليم والبحث العلمي جل اهتمامهم راصدين لأجله الجزء الأكبر من المال والجهد فاستحقوا ما هم عليه اليوم من العزة والمنعة تقدما ورقيا ونلنا بدورنا ما نستحقه من الوضاعة والدونية, لأننا تخلينا عن نهج أسلافنا الأوائل وما حثنا عليه ديننا الإسلامي فانصرفنا عن العلم والتعليم فصرف الله عنا دروب العزة والرخاء حتى غدونا أضحوكة الشعوب , وما دفعني للخوض في هذا الجانب ذلك السؤال الذي سأله رئيس وزراء بلادنا معالي الأستاذ محمد سالم باسندوه لنظيره الأسبق في حكومة ماليزيا معالي الدكتور مهاتير محمد المستشار الحالي للبنك الدولي عن السر الخفي وراء التقدم في دولة ماليزيا في زمن قياسي أذهل وحير العالم خصوصا ودولة ماليزيا كانت تعيش أوضاع اقتصادية متردية ومهيأة حسب تقديرات الخبراء والمراقبين للدخول في دائرة الصراعات المختلفة واتساع رقعة الفقر بين مواطنيها , فأجاب السائل عن السؤال: إن الفضل يرجع لاهتمام حكومة بلاده بمجال التعليم بفروعه المختلفة ولأجل ذلك حشدت الدولة كل إمكاناتها وركزت جهدها للتعليم والنهوض به , ولا أدري هل فهم رئيس وزراء بلادنا الرسالة ومضمونها وإذا فهم هل سيعمل بما فهم خصوصا وقد أصبح العالöم بالسر وأخفى والقادر على تنفيذه وتحقيقه لينقذ الوطن وما آلت إليه من أوضاع مزرية والأجيال الحالية التي مسها الضر بسبب سوء التعليم ومخرجاته التي لا تسمن ولا تغني من جوع بل سببت الجوع وزادت من الجهل بين الشباب وهو ما يعرف بجهل المتعلمين لأنهم فقدوا العلم النافع المبني على أسس علمية حديثة ولم يحصلوا عليه وحصلوا على ورقة تحمل اسم شهادة تخرج وأكثرهم للعلم جاهلون بل لا يجيد أكثرهم سوى القراءة والكتابة (وبصعوبة ) ولا أحمل الشباب مسئولية ما صاروا إليه من التعليم الجاهل بل إن كامل المسئولية تقع على المؤسسات التربوية ممثلة بوزارة التربية والتعليم التي وضعت مناهج تعليمية عقيمة لا تؤتي أكلها ولا ثمرة لها غير ضياع الطلاب وذهاب جهدهم وأعمارهم سدى , وما يعانيه حقل التعليم في بلادنا سيما الأساسي والثانوي من تردي بسبب تلك المناهج غير الجيدة وغياب الكفاءات للعاملين في مجال التعليم وعدم توفر الوسائل التعليمية المختلفة وتكدس الطلاب في الصفوف بمراحل التعليم المختلفة حتى جاوز بعضها السبعين طالبا في الصف الواحد وكذا غياب المتابعة والتقييم من وزارة التعليم وافتقار كثير من المدارس لأهم أساسيات الدراسة والتعليم ـ المرافق الصحية ـ كل تلك المعوقات وغيرها جعلت مخرجات التعليم دون المستوى طيلة عقد ونيف تقريبا .
واستحضاري للتاريخ وما عاشه أسلافنا من مكانة متميزة بين الأمم ليس للتباهي والاستهلاك الكلامي أو للتغني بأمجاد ليس لنا في صنعها فضل وإنما عمدت في ذلك للعظة والعبرة , وما هو مؤكد أن العملية التعليمية في بلادنا باتت بحاجة ماسة إلى تصحيح مسارها والارتقاء بها, إذ لا يمكن لنا أن نلج إلى مصاف الدول والشعوب المتقدمة وننهض إلا بالتعليم وعدا ذلك فلا أمل لنا يرتجى بغد أفضل حتى يلج الجمل في سم الخياط , فالتعليم بوابة العبور نحو مستقبل أفضل للأجيال الحالية والقادمة والكفيل بحماية الوطن والحصن الحصين للشباب من الغواية والتضليل.

قد يعجبك ايضا