معا.. عبرنا فوهة الموت
–
جميل مفرح
كنت إلى جوارك لحظتها مت معك واختلطت أشلاؤنا المتطايرة حتى لم يعد يهمني أيها يخصك وأيها كان لي كنت أحاول جاهدا أن أساير خطواتك وألتحم بنظامها. ولكن لأنني لست مثلك سرعان ما كنت أستسلم للارتباك فأسبقك تارة وأتأخر عنك أخرى كنت مشغولا للغاية بإيقاع قدميك وهما تهتزان من تحتي البسيطة بينما أنت مشغول بنشيد الوطن وجراحاته وكيفية افتدائه.. كنت ترمي عينيك إلى الأفق البعيد في محاولة التشبث به والالتحاق بمهرجانات الضوء التي تتلألأ من بعيد فيما أحاول أنا أن أحتمي بهديرك القريب من الفوضى الكامن افتراضها وراء كل خطوة نخطوها معا وبصرامتك المخضبة بالامتثال والطاعة.
> كان جسدانا متساويين تقريبا وربما كان جسدي أكثر ارتواء وحيزا غير أنني كنت أرى انعكاسها في ظلين متباينين تماما كانا يسيران بمحاذاتنا كان ظلك أطول وأكثر استقامة كان طرف ظلك يستعصي على إدراكي كان ممتدا إلى لا نهاية وكان مع كل خطوة يزداد طولا واستقامة بينما كان ظلي لا يبارح حدود استطاعته في التواجد كان يتراجع أحيانا حد أنني كنت ألجأ للبحث عنه في داخلي.
> كنت أسير بموازاتك لحظتها وعبرت شظايا الموت جسدي قبل أن تجتاح انشغالك بالسماء والسمو كنت طريقها إليك وبابها إلى بهو روحك الطاهرة انطلقت روحي إلى السماء قبل روحك ولا أدري كيف ابتسمت ذات لحظة فقط لأنني استطعت أن أسبقك ثم ما فتئت أن انتحبت حين رأيتك تلحق بي إلى السماء وتجدد انتصاراتك بالفوز بسباقنا المفترض.. كنت إلى جوارك فأصبحت إلى جواري في أقل من طرفة عين وخفقة قلب.. حاولت أن أدفعك بعيدا عن مجرتي الساكنة ولكن صخبك كان أقوى من أن يهزم عادت السموات رتقا في وجهي فانفتقت لحضورك قدر إغماضة لتنفذ ثم عادت سقفا صخريا وظلمات لا نهاية لها في وجهي.
> كنا معا عبرنا فوهة الموت معا غير أنني قررت في آخر لحظة أن أستسلم للعودة وأجر أذيال الحزن عليك عدت فقط لأكتب وأقول عنك هذه الأشياء الرخيصة جدا ولأعيش من بعدك على خشبة المسرح لحظات أخرى أهذي فيها بذكرياتي المتواضعة وأتذكرك لأتقن مشاهد البكاء التي لن تكون خاتمة لمسرحية حياتنا معا..
> أعلم بأنك هزمتني كعادتك ولكن لا بأس ما تزال ثمة ذؤابة أمل في أن أتعادل معك ولو مرة في هذه السيرة الحافلة بك.. ما أزال أعتقد أن باستطاعتي أن أعطر حبري بحضورك ومخيلتي بذكراك أعتقد أنني سأكتب عنك يوما ما قصيدتي الأولى بعد عمر طويل قضيته في ملاحقة خرافة الشعر وأعتقد أنه سيأتي يوم أجد حولي دائرة من الأبناء والأحفاد المسحورين بشجني وأنا أسرد عليهم سيرتك وأروي حكايتي معك وأعتقد أنني سأزيد على الحقائق ما استطعت لأثبت لهم كم كنت قريبا منك وقد أدعي حينها أننا كنا جسدا وحدا فانشطرنا فقط لنراقب بعضنا عن بعد .
> هل حقا كنا معا¿! إذن فأين ذهب كل منا¿! من منا أصبح هناك ومن أصبح هنا¿!
لا بأس أعتقد أن برزخ الكتابة جدير بجمعنا