غربة واقع أم موت ثقافة¿
–
جمال الظاهري
السطحية والقشور هي من تحكمنا اليوم – التزوير والكذب والقاء التهم صفة نعممها على كل شيء في الحياة وخاصة في التعامل فيما بيننا وندعي اننا اهل الصلاح – الكل مخطئ ومذنب وعلى غير هدى – فقط نحن من نسير على السراط القويم والواقع يقول غير ذلك نتهم غيرنا ونشكك حتى في نواياه ومقاصده ولا نعيب أو نراجع انفسنا ما هذا كله¿
(نظرية المؤامرة) وافتراض السوء هو ما يتحكم في سلوكنا ندعي الفهم والاستبصار في كل ما يعرض علينا وكأننا مخلوقات خارقة جاءت من غير هذا الكوكب ونفلسف سلوكنا على هذا الأساس فصرنا كتلك العجوز التي تضرب الودع وتقرأ الكف¿! يا عالم يا أمة محمد إلى متى سنظل ندور في حلقة لا طائل منها لماذا توقفنا عند (علي مخطئ لا معاوية مغتصب¿) اجترارنا للماضي ليس أكثر من تعبير وترجمة فعلية لواقعنا الذي أصابه الشلل التام الذي جعل عقولنا تتجمد عند بوابة الخليفة الثالث عثمان بن عفان وواقعنا يقول أننا فعلا مصابون بالعجز التام وفقدنا الأمل في امكانية التعافي والشفاء من هذه الحال.
وأمام هذا العجز وفقدان القدرة على التجدد والابداع صارت أوطاننا مكبا لكل ما انتجته ثقافات ونظريات وتجارب شعوب وأمم لا تربطنا بهم ثقافة ولا دين همهم غير همنا وواقعهم غير واقعنا أمكانياتهم غير إمكانياتنا تاريخهم غير وسلوكهم غير وعلاقاتهم غير وتطلعاتهم غير ومع هذا فهم اليوم يمثلون لنا النموذج المبهر الذي نسعى إلى ترجمته في واقعنا هذا ما تقوله على الأقل النخب والقادة والساسة ورجالات المجتمع التي تتحكم بقرارات الشعوب.
المفارقة التي لم استطع فهمها هو أن النخب العربية والاسلامية قد سايرت المجموع في هذا الانبهار والتقليد .. بل وفي احيان كثيرة قادتهم وإذا اخذنا هنا إحدى نتائج هذه الثقافات التي غزت بلداننا كمثل سيتضح لنا مقدار ومدى تغلغل ثقافاتهم في مجتمعاتنا وعمق اثرها وما جلبته علينا من الشتات والتشظي ليس العيب في تجاربهم التي استوردناها أو فرضت علينا وإنما قد يكون ذلك لسوء في الاستخدام أو عدم تمثل جوهرها اثناء التطبيق.
الديمقراطية مثلا ومن وجهة نظري الشخصية أداة من ادوات الحكم لا تمثل عيبا أو مخالفة لديننا أو تقاليدنا بالمجمل والعمل بها لا يعني الانتقاص لثقافتنا أو لديننا الاسلامي لأنها نتاج لفكر واجتهاد انساني فرضته سنن الصيرورة التي ما عاد يجدي معها الوسائل التقليدية العتيقة نتيجة لتطور واتساع المجتمعات وتداخل الأعراق والثقافات والأديان في إطار الحيز الجغرافي والديمغرافي للدول.
بالنسبة لنا كشعوب عربية على وجه الخصوص يجمع الغالبية على أن الديمقراطية وسيلة عصرية وقابلة للتطبيق في مجتمعاتنا وعلى هذا الأساس تم العمل بها من قبل العديد من الدول ولكننا لم نجن ثمارها ليس لأنه ثبت عدم جدواها وانسجامها مع ما تريده شعوب المنطقة والأرجح ان سبب تعثرها كان نتاجا للسلوك المتأثر بالموروث التقليدي لدينا وعدم الايمان بها وبأدواتها وتم