توحيد الصف والكلمة
محمد عبد الرحمن حميد
محمد عبد الرحمن حميد –
إن المتأمل لأحداث الربيع العربي في الدول التي ظهر فيها ذلك الربيع, لا يستطيع إنكار ما تعانيه الشعوب العربية من ظلم, وقسوة الحياة المعيشية, وفساد ينتشر في كل مفاصل المؤسسات الحكومية ,وكذلك معاناة القبضة الأمنية حسب تفاوت تلك القبضة من بلد إلى آخر.
رغم أن مطالب من خرجوا كانت تستحق الخروج من أجلها, للمطالبة برفع كل تلك المظالم عن كاهلها, إلا أن الثورات السلمية والتي غالبا ما تحقق من التفاف شعبي حولها نظرا لتوحد الهدف لدى مختلف شرائح المجتمع والشعوب ـ والتجربة الإيرانية كانت خير دليل على ذلك وأيضا التجربة الهندية التي أسقطت الإمبراطورية البريطانية والتجربة المصرية والتونسية ـ إلا أننا رأينا وفي مرحلة من مراحل تلك الثورات والأزمات العربية ظهرت تحولات خطيرة وقاتلة كان أبرز تلك التحولات هو العمل على تمزيق النسيج الاجتماعي للأمة الواحدة, وكذلك ظهور تفسخ بعض الأخلاق والقيم لدى هذه المجتمعات التي تحكمها عقيدة الإسلام وأخلاق الدين, واللافت أكثر هو ما برز عند مرحلة معينة من الربيع العربي ظاهرة العنف المسلح ومحاولة إسقاط الأنظمة بقوة السلاح رغم أن الأنظمة قد تتهاوى بطرق سلمية وفقا للالتفاف الشعبي, والمطالب الحقه ,وكون الحريات الأساسية تكون أقوى بعد الانتقال بالطرق السلمية منها بالطرق المسلحة, إلا أن هناك من لا يروق له إلا سفك الدماء وإراقتها, وكذلك تدمير البلد أخلاقيا وماديا كي تحكم على أنقاض تلك الأحداث ومن أخطر ما برز هو الإعتداء على جيش وأمن تلك البلدان دون أن يعتبروا مما حدث في العراق من تدمير لجيشه, وبنيته التحتية, وعقوله المفكرة فهناك دول عظمى تحمل مشاريع عالمية تخدم مصالحها وأهدافها والنهوض باقتصادياتها وجعل الأمة العربية والإسلامية عبارة عن أسواق لها من خلال:
١- زرع الفوضى وتدمير الجيوش والقضاء على منظومة الدولة المركزية ومؤسساتها, فتعود البلدان إلى المراحل البدائية بالعمل في تأسيس الدولة, وأثناء انشغال البلدان بترميم كوارث الحروب وانهيار الدولة وما تعانيه أيضا من جهل نتيجة تلك الحروب, كما حدث في العراق مثلا من انهيار للدولة فأصبح الوضع الأمني غير مستقر, وأصبح عدد الأطفال الأيتام ــ جيل المستقبل وعامل نهضتهاــ حوالي أربعة مليون طفل معظمهم غير قادر على الدراسة أو مواصلة تعليمه مما جعل العراق مقبل على ارتفاع نسبة الأمية في جيل الشباب الذي أصبح معظمه يتسول في الشوارع أو يقوم بأعمال لا تتناسب وسنه بغرض كسب لقمة العيش في بلد يعد من دول العالم الغنية بالبترول.
2- الحيلولة دون السماح للدولة [بعد الانهيار] بأن تعيد بناء مؤسساتها المدمرة البناء السليم, كما في العراق, حيث عجزت الدولة العراقية الحديثة عن تحقيق ذلك سواء المدنية أو العسكرية أو العلمية أو الاقتصادية إلى ما كان عليه قبل انهيار العراق وسقوط صدام حسين.
3- تدمير المؤسسة العلمية والبحثية في العراق, وقتل وتشريد علمائها وعقولها المفكرة.
4- ونتيجة لعدم وجود مؤسسات أمنية قوية تقوم بالحفاظ على الأمن القومي للبلد تقوم الدول ذات المصالح بدفع أعداد كبيرة من عملاء مخابراتها إلى البلد المنهار للعمل على تنفيذ سياسة الدولة المعادية ,إما باستمرار الفوضى داخل البلد أو تأجيج الصراع السياسي بين الأحزاب والطوائف أو المذاهب, كي تنشغل وتتشتت عن الاهتمام