سميح القاسم ‹خائف› على مستقبل أحفاده
–
بيروت – ينطلق الشاعر الفلسطيني سميح القاسم من خلال مطولته التي تأتي في حجم مجموعة شعرية صغيرة ليتناول الشيخوخة والمرض والآمال التي تتجسد في الاحفاد وذلك الخوف عليهم من ان يعانوا ما عانى اجدادهم مع تمن بأن تكون ايامهم اجمل وبأن يكون العالم كله مكانا افضل.
ويتناول سميح القاسم في القصيدة المطولة امورا كثيرة ومسائل عديدة تشعر القارئ بأنها قادرة على ان تهبط بالتجربة الشعرية من حرارة وإيحاء الى تقريرية عادية احيانا.
إلا ان شاعرية سميح القاسم تجعله باستمرار يضخ حرارة في اقسام القصيدة تعوض عن الهبوط الذي يعتريها نتيجة الاضطرار الى تناول كثير من امور الحياة ويومياتها.
وجاءت القصيدة في 42 صفحة متوسطة القطع. وجعل الكلام الذي قيل في الشاعر وألحق بالكتاب هذا الكتاب يصل الى 90 صفحة متوسطة القطع. صدر الكتاب عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت ومكتبة كل شيء.
ويتكلم الشاعر عن الشيخوخة وعن المرض وعن الماضي والحاضر والمستقبل. يقول «اذا هكذا/ اذا هكذا نطفة من تراب قديم وشيء من الدمع والورد يمنح كأس الدماء مذاقا مثيرا/ بزغرودة للشهيد/ وزغرودة للوليد/ ويلتم احفادنا حولنا كل عيد/ وهم يصخبون كثيرا/ وبنت تمشط شعر اخيها الصغير ليصبح اجمل طفل على الأرض تبتسم الام راضية/ ويغني غلام بدون نشاز تواشيح اندلس غائمة/ نخبي دمعنا بالأصابع/ نمسح سفر التجاعيد عن وجهنا المتكدر/ في فرحة واهمة/
«وفي غبطة لا تلام/ بكل وقار نوزع بعض الهدايا لأحفادنا… سيولد احفادنا طاهرين من الحرب والسلم والذكريات/ تشد الغريزة لثاتهم للحليب المعقم بالحب والشهوة الازلية/ اعناقهم لا تخاف النصال ولا تتحاشى ظلال المشانق/ احفادنا يولدون كما نتمنى/ على صورة الله في حلمنا البشري المعبأ بالرعب/ وفق الصلاة سيولد احفادنا.»
ويذكر كيف ان الناس تطلب ان ترزق بذكور لكنها بعد ذلك تجد في محبة البنات وعطفهن على الاهل ما يجعلنا نندم على «وأد البنات» الموروث عن عادات جاهلية. يقول:
«نتمنى ذكورا/ وسرا في خجل لا يبوح نمارس وأد البنات/ فقد ادبتنا الحضارة جيلا على حزن جيل/ ونكبر عاما على حزن عام/ نشيخ ونمرض/ ابناؤنا يعرضون بدعوى المشاغل والوقت/ زوجاتهم واقفات لهم بالنظام الجديد/ نوبخ ابناءنا ونكيل المديح للطف البنات/ وحرص البنات على الوالدين/ ونحزن معتذرين عن الجهل والضعف في ما اقترفنا من الاثم/ يوم وأدنا البنات/ وما كان فات/ ومن عاش مات.
«لأحفادنا بهجة الاهل في حفل تخريجهم/ ولهم شيب اجدادهم قدوة/ عبرة ودليلا رشيدا/ الى الغد والأمس/ مثل جميع البشر/ وتذكرة لطريق القدر/ وبعض دعاء السفر/ وأحفادنا يسمعون النصيحة منا لكي يعملوا عكسها/ كيف ننصح نحن سوانا بانشائنا العبثي/ وسقط الكلام الطويل العريض/ ونغدق نصح السلامة فيهم/ وفينا جراح تفيض/ وننصحهم باحتراف السمو/ وشاهقنا في الحضيض.»
يضيف متحدثا عما ينتظر طفولة الفلسطيني بشكل خاص بعد ان يكبر «ويكبر احفادنا في السلام وفي الحرب/ لا قدر الله ( قد يصبحون جنودا) ولا قدر الله قد يقتلون وقد يقتلون/ ولا قدر الله قد يسجنون لرفض القتال/ وقد يرجعون من الاسر شيبا/ ولا قدر الله/ لا يرجعون الى منزل الاسرة الباقية.
«ايختار احفادنا ما نحب ترى¿/ ام يحبون ما لا نحب/ وننسى ليذكر أحفادنا ام ترى يذكرون لننسى/ وينسون ما نحن نذكر/ ام نحن ننسى وينسون في غمرة الذكريات/ ودوامة الزمن القاسية¿»
ويقول «كما تتمنى الجهات وما تحلم الأغنيات كثير من الحب ميراث احفادنا/ يا مليك السماء انشلهم من الغيب واحرس خطاهم/ على الطرقات الغريبة/ نحو المنازل في عيد اعيادنا/ يا ملاك السماء اغثهم/ وبدد ظلام الدروب الى باب اولادنا (يا صفاء الرسالات) طهر قلوب البشر/ جميع البشر.»
ويتحدث عن الخوف على الاحفاد من امور عديدة في هذا العصر فيقول: «براءة احفادنا نقطة الضعف فينا/ نخاف عليهم من الخوف والفقر والجوع/ نخشى خفايا الزوايا ومنعطفات الشوارع/ نحن نخاف على طهر أحفادنا من دخان المصانع/ من مافيات السراديب والاقبية/ نخاف احتباس الحرارة/ نخشى انقلاب المناخ عليهم/ وتقتلنا البيئة – المعصية.»
ويتحدث عن المرض فيقول «اشرب فنجان القهوة/ يا مرض السرطان/ كي اقرأ بختك في الفنجان/ اشرب!»
ويعود الى الاحفاد ويقول «صلاتي الاخيرة قبل الرحيل/ ألا ايها الرب بارك بلادي وأهلي/ وبارك ثمار الالم/ وبارك جميع الامم/ ويا رب سامح بعدلك ارواح أجدادنا ويسر لأولادنا/ ويا رب لطفا بأحفادنا/ وعطفا على نسل احفادنا… إلهي وبارك لأحفادنا/ وأحفاد احفاد احفاد أحفادنا إلهي تطلع/ انادي اصلي واخشع وأدعوك فاسمع/ إلهي إلهي إلهي!!!».