ظاهرة تسول الأطفال ومسئولية الدولة

د. محمد علي بركات

 - وفي حقيقة الأمر أن هذه الظاهرة أصبحت تأخذ أبعادا خطيرة تهدد مسـتقبل الأطفال بل وتهدد المجتمع الذي يعيشـون فيه وتلك أسوأ مشـكلة .. حيث تعكس ممارستهم للتسول الاختلال الاجتماعي المتمثل إما في سلوكيات غير سوية
د. محمد علي بركات –

وفي حقيقة الأمر أن هذه الظاهرة أصبحت تأخذ أبعادا خطيرة تهدد مسـتقبل الأطفال بل وتهدد المجتمع الذي يعيشـون فيه وتلك أسوأ مشـكلة .. حيث تعكس ممارستهم للتسول الاختلال الاجتماعي المتمثل إما في سلوكيات غير سوية أو تصرفات عدوانية .. تنتج عنها جرائم عديدة تضر بالمجتمع وتقلق السـكينة العامة ولذلك فإن ظاهرة التسول تعتبر أحد عوامل الانحراف الأسـاسية ..
وما يزيد من اتساع الظاهرة هو توافد المتسولين من الأرياف والمدن الفرعية إلى أمانة العاصمة والمدن الرئيسية .. وللمقارنة بين أعداد المتسولين من الأطفال والمتسولين من الكبار رجالا ونساء يتضح أن نسبة عدد المتسولين من الأطفال بلغت حوالي (50% ) وهنا تكمن الخطورة الحقيقية .. فزحف هذه الظاهرة نحو الأطفال أو الأحداث لتشكل تلك النسبة الكبيرة جعلها بوابة واسعة للانحراف والتمرد على القيم المجتمعية .. وقد ينجرف الأطفال في ذلك التيار المخيف فيقعون ضحية ارتكاب العديد من الجرائم الخطيرة ..
وأمام تفاقم ظاهرة التسول وما تمثله من خطورة على الأطفال وعلى المجتمع لابد أن تتحمل الدولة مسؤولياتها لمعالجة الأسباب الرئيسية لتفشي هذه الظاهرة .. وبالأخص الأسباب الاقتصادية التي لا تنفصل عن الاستقرار الاجتماعي والمعيشي والعمل على وضع برنامج وطني لكفالة ورعاية جميع الأحداث ومن يسمون بـ(أطفال الشوارع ) في ربوع الوطن .. وذلك من خلال إنشاء مراكز للرعاية والتعليم في سبيل تدريبهم وتأهيلهم تمهيدا لدمجهم في أوساط المجتمع ليعيشوا حياة مستقرة كأقرانهم من أبناء اليمن..
ويفترض أن تقوم الدولة ضمن برامجها لمكافحة التسول بإنشاء المزيد من دور رعاية الأيتام ودراسـة حالات الأطفال المتسـولين دراسـة وافية ومتأنية .. حتى تتم معالجة أوضاعهم وفقا لظروف كل حالة وعادة ما يستعان في هذه الشؤون بالمؤسسات والجمعيات ومختلف الجهات الداعمة لمثل هذه الحالات الإنسانية .. حيث يمكن أن تقدم الدعم والمساعدة للأطفال اليتامى ولأسرهم الفقيرة .. سواء عبر المساعدات العينية أو عبر إقامة المشاريع الصغيرة ..
يضاف إلى ذلك ضرورة اهتمام الجهات المعنية بالتوعية من خلال مختلف الوسائل الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية .. وكذلك من خلال وضع برامج تربوية تضاف إلى المناهج الدراسية .. تتضمن التوعية بخطورة ظاهرة التسول وكافة الظواهر السلبية ..
ولا نغفل هنا أهمية توفير الإمكانات اللازمة لمشروع مكافحة التسول .. حتى يتمكن القائمون عليه من أداء مهامهم بالشكل الأمثل .. إضافة إلى العمل على تطوير الخدمات والرعاية التي يقدمها المشروع لشريحة المتسولين وتكثيف برامج التوعية التي يجب أن تشمل كافة محافظات الجمهورية لتحقق أهدافها على الوجه الأفضل ..
ولأهمية هذا المشروع نتوقع وجود خطة أو برنامج عمل وقانون ينظم العمل والمهام بالمشروع فهل تنبه المعنيون لضرورة الاهتمام بإعداد مثل هذا البرنامج وإصدار قانون خاص بشأن مكافحة التسول ..¿ أم أن العمل في هذا الجانب ما يزال يعتمد على العشوائية والاجتهادات الذاتية ..¿
نأمل أن يبادر ذوو الشأن في الحكومة الرشيدة بالاهتمام بأداء واجبهم في سبيل القضاء على هذه الظاهرة بحيث يلمس المجتمع نتائج ذلك الاهتمام على أرض الواقع وتلك هي القضية

قد يعجبك ايضا