لماذا نفتقدهم¿!
عبد الكريم المدي
عبد الكريم المدي –
بالرغم من الطفرة الهائلة التي حصلت وتحصل في وسائل الاتصال والتكنولوجيا والمعرفة المعاصرة..إلا أنها لم تشفع لمجتمعات مثل مجتمعنا..في إحداث حركة .ولو بسيطة .تزحزحنا قليلا نحو الأمام ..بل حدث العكس فقد غابت – تماما- المشاريع الوطنية والتنويرية ومعها المبادرات والمشاريع الفردية التي من شأنها أن تسهم بشكل كبير – كما كان يحدث سابقا – في إخراج المجتمع من أزماته المتلاحقة وتخلصه من هذا البؤس المكرس والخزانات العملاقة التي يتدفق منها الجهل والفوضى والفساد والصراعات المعلنة والخفية المباشرة وغير المباشرة..
في منتصف الأربعينات وصولا إلى مطلع الستينات من القرن المنصرم قدم الأستاذ/ الطليعي» محمد أحمد حيدرة – الذي درس – وبالطريقة الحديثة – في منطقة «التربة» ومدينة تعز ..في عهد الإمام «يحيى « وابنه «أحمد « – الكثير من المعارف وقدم الكثير من الإنجازات على صعيد المعرفة وخلق الوعي المتقدم..حيث يحسب له أنه .وبدون أي منازع. مؤسس المسرح في اليمن ..شماله وجنوبه..و قد كان يعرض مسرحياته في الهواء الطلق ..تحت إحدى الأشجار في منطقة» الجحملية» بتعز..
ومن أعماله تلك مسرحية «» ابن علوان « الساخرة..التي تهكم فيها على رمزيته الدينية التي أخذت- آنذاك – طابع التقديس لدى قطاع واسع من الناس ..بغض النظر سواء أختلفنا مع ذلك التقدير المبالغ فيه.. أم اتفقنا..
المهم هو أن تأثير ذلك العمل المسرحي قد مهد الطريق للإمام/ الطاغية «أحمد حميد الدين» لزيارة منطقة « جبل حبشي « وهدم ضريح « ابن علوان»
أما بيت القصيد هنا فهو إن هذا الرجل الطليعي العظيم « حيدرة «قد خلق وعيا حقيقيا مهد لثورة ثقافية وتنويرية في محافظة تعز.. خاصة واليمن عامة..
وإذا عبرنا بصورة أكثر عمقا..فقد كان هناك.. من أمثال هذا الرجل .. متنورين ومخلصين لقضايا وطنهم وقناعاتهم ..قهروا ظروفهم الصعبة واستطاعوا أن يتبنوا مشاريع تحديثية غيرت وجه البلد والوعي العام. السائد حينها .وخلقت وعيا جديدا في أحلك المراحل وأكثرها قتامة وقسوة وقمعا وانغلاقا وجهلا ..وفي وقت – أيضا – كان الناس فيه لا يجدون قلما أو رزمة أوراق يدونون فيها أفكارهم ورؤاهم ومفاهيمهم ..ومع هذا تألقوا ومثلوا إشارات تقدم ومراكز إشعاع تنويري ..اجتماعي ..ثقافي..سياسي..معرفي..إنساني..
إن أمثال المعلم/المثقف»حيدرة». قد.تصدوا. بيقين كبير. للانكسارات والمرارات والمشاعر الراعفة والانهزامية لدى الناس وكانوا خطا ضوئيا فاصلا بين أفقين من تشكيل الحياة في مجتمعنا الذي عانى كثيرا مثلما هو يعاني اليوم بشدة ويتوق بشدة أيضا لأمثال الرائد « محمد حيدرة « سيما بعد أن تحولت الحياة برمتها إلى بقع زيت تمتد في كل مكان وغدت -أيضا- معظم وأهم قوى المجتمع تقاتل بعضها البعض .من دون غاية نبيلة أو هدف عام .. سامي..
وفي ظل هذا الغياب المحير للوعي.. بالآخر والإحساس به وبمعاناته وبآدميته وبحقه في العيش. نتخذكلنا موقف الحياد نمارس النميمة ..ولاهثين وراءالسقوط في قعر الخيبة و»الجبن».
لا ندري ..في الواقع .أي الأسباب والعوامل المباشرة المسؤولة ..تحديدا..عن إيصالنا إلى هذه الحالة ..والتي يمكن البحث عن حلول لها..¿
لكن « عذرا « دعوني.. هنا.. أخمن..أنجم..أحاول التخلص من عقدة التنظيرات والإنشاء..أقول:
لعله الفقر..!!
لعله الفساد العظيم..
الإعلام الموجه..!!
غياب الحكمة..!!
التدخلات القبيحة للخارج..!!
لعله الانكسار الواضح بإيماننا بوطننا وذواتنا وبعضنا..!!
لعله الواقع الأليم..!!
غياب الوعي والتربية..!!
لعله ..لعله ..لعله..
لعله» أنا «.»أنت» .»هو».» هي».»هم «.»هن».»نحن»..جميعنا..!!
آسف ..لا أدري ..حقيقة ..أي الأسباب يقع اختياريا..فلم أعد قادرا على التشخيص السليم..فالرؤيةلدي غائمة..
وسط كل هذا الكم الهائل من الإزدحام والجهل ومعاول الهدم والهوان…!!
آسف ..أعترف بعجزي…!!
سأترك القرار والتشخيص لكم…!!
في آمان الله..
دمتم بخير..
almedi2009@hotmail.com