أمام امتحان السياسة!!
استطلاع نجلاء الشيباني

استطلاع/ نجلاء الشيباني –
يسبق الدخول لمؤتمر الحوار جدل واسع .. بسبب حدة التجاذبات السياسية وحمى الاستقطابات على المستوى السياسي والديني وحتى القبلي الذي يزدهر دوره باستمرار ولم يصل التغيير بعد الى كسره.. لكن أفق الأمل الذي يحدق إليه ثلة من السياسيين الأخيار ومن ورائهم السواد الأعظم من الناس هو الخروج بصيغة مقبولة تحفظ وحدة اليمن وتؤسس لدولة مدنية عنوانها الكبير ملمح الحكم الرشيد .
لكن في الوقت الذي تزداد فيه الحاجة إلى دولة مدنية حديثة تشدنا جاذبية المرحلة الماضية بتشظياتها المختلفة في النسق السياسي والاجتماعي والاقتصادي الى ذات البؤرة من الوعي المتراكم بفعل العوامل والإرهاصات التي تخلقت خلال السنتين الماضيتين تحديدا .
غير ان الطموح الذي ينشده كل اليمنين من مؤتمر الحوار هو صعود سلم الحكم الرشيد درجة درجة ..الحكم الرشيد بمضامينه الضامنة لبناء دولة مدنية حديثة .. , والسؤال المطروح هو أين يتموضع أفق دولة الحكم الرشيد في مؤتمر الحوار وما بعده ¿ نتابع في هذا الاستطلاع الاجابة.
يقول الدكتور/ فـؤاد الصلاحي وهو أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاءأن للدولة المدنية مسار تاريخي في التشكل فهي لا تأتي بين يوم وليلة ولكنها طبقا لنظريات علم الاجتماع السياسي تعبر عن مسار تطوري يمر به المجتمع يعاد فيه بناء المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي وفقا لمتغيرات مؤسسية وثقافية وقانونية يتسع مداها في إطار اتساع التكتل الاجتماعي الحامل لمشروع الدولة المدنية وهو تكتل لقوى الحداثة يرنو إلى تجاوز حالة التقليدية وأبنيتها نحو آفاق رحبة في البناء السياسي وفق منظومة حداثية تكتمل في نضوج وعي الأفراد ونضوج حواملهم البنيوية.
وللتوضيح أكثر على الصعيد المفاهيمي يقول الصلاحي: التحديد الدقيق لمفهوم الدولة المدنية لا يتأتى من خلال جملة تحدد المعنى الشكلي للمفهوم بل لابد من الإلمام بالدلالات والرموز لهذه الدولة ناهيك عن مرتكزاتها وأبنيتها إضافة إلى خطابها.
ويربط الدكتور الصلاحي بين مسألة وعي النخب والجماهيربالدولة المدنية ويدلل على ذلك بحالة السجال الواسعة بين أوساط النخبة السياسية وبين أوساط الشباب وكل الفاعلون في ساحات التغيير حول مفهوم الدولة المدنية ودلالاته وبالخصوص علاقاتها بالدين من حيث التساؤل عن التضاد مع الدين أم الالتقاء معه..
وهل هذه الدولة علمانية بالأساس أم أن الأخيرة صفة غير أساسية في الدولة المدنية.¿
وطبقا لذلك يرى أن الجميع كانوا يرددون شعار الدولة المدنية ويربطونها بالمواطنة ودولة القانون وهي رغبات وتمنيات تعكس وعيهم بتغييب القانون وإضعاف مرتكزات الدولة في اطار نظام سياسي يريدون الثورة عليه وتجاوزه..
لكن الأهم هنا حسب قوله هو قضية وعي الشباب والكثير من أبناء المجتمع ورغبتهم في تجاوز الانتماءات المذهبية والقبلية التي عمد النظام السابق في تغذيتها وتعميمها بغية تمزيق المجتمع وإدخاله في حروب اجتماعية متعددة..
ويطرح الصلاحي سؤالا تكتنفه جملة من المحاذير .. هل يمكن بناء الدولة المدنية في اليمن ¿ أي في واقع اجتماعي واقتصادي متخلف ¿ أي في واقع ينتمي إلى مرحلة ما قبل الرأسمالية ¿
ويجيب هو ذاته بـــ نعم يمكن تحقيق ذلك ففي المجتمع اليمني إرهاصات لتشكل طبقات حديثة وفيه مجموعات فاعلة وفق استيعابها لمفهوم الدولة المدنية والاهم هنا هو أن بناء هذه الدولة ذو طابع تدرجي قد تأتي دفعة واحدة ولكنها تتحقق بنسب معقولة في كل المجالات السالفة الذكر.
والتدرجية حسب توصيف أستاذ علم الاجتماع السياسي ليس أن تأتي المؤسسات وتغيب الديمقراطية أو تتحقق الآليات القانونية وتغيب التنمية ونتجاهل مشاركة المرأة .. ليس هذا ما نروم التعبير عنه بل نقصد أن تأتي جميع صفاتها ومرتكزاتها معا وتتطور مساراتها تدريجيا..
دعوة للمدنية
ومجددا ينقلنا الدكتور الصلاحي الى جو الاسئلة ليسأل .. لماذا ندعو إلى الدولة المدنية ¿ والجواب أن دعوتنا ليست من باب الترف الفكري بل تعبيرا عن حاجة موضوعية وذاتية للمجتمع اليمني. فهذا الأخير قد شهد صراعات متعددة قبلية ومذهبية ومناطقية وتحت مسميات الدولة والجمهورية والوحدة وجميعها كانت تعبيرا واضحا عن ضعف الدولة وهشاشة مؤسساتها.. ولان القاعدة الاجتماعية للدولة كبيرة وذات ارث تاريخي في مجال التنظيم السياسي والمؤسسي فان وجوب إخراج اليمن من حالته الراهنة لا يكون إلا من خلال بناء دولة مدنية مؤسسية وديمقراطية ويتم معها القطع البنيوي مع مراحل سابقة من البني والمؤسسات التي زاحمت الدولة مجالها ووظيفتها.
وقال “إن تحقيق بنا الدولة المدنية يتطلب التحول (تحول السلطة والمعارضة) من رفع الشعارات المرتبطة بفكرة الدولة ومفهومها إلى مرحلة العمل الواقعي المعاش