«هابي نيو يير»

خالد الصعفاني


خالد الصعفاني –

لو كان لي حق إرسال برقية للأمم المتحدة بالعام الجديد وأنا انتمي لأحد بلدان هذا الكيان الدولي الضخم لقلت ما يلي :
وزعوا بين الأمم عدلا لا يبرر بقاء الاستعمار اليهودي لفلسطين العربية المسلمة .. واضبطوا ساعتكم البيولوجية على كل الأمم فلا نرى الفقر يقتل شعوب إفريقيا من الجوع بينما يموتون من التخمة في مجتمعات أخرى .. وأعيدوا وزن شوكة ميزانكم فلا نرى حركتكم السريعة والجادة من أجل البعض في حين يهون عليكم البعض فلا يكاد يرى ..
اخلقوا التوازن داخل منظماتكم – على الأقل تلك المنظمات الهامة أو حساسة المهام – واجعلوا للبلدان النامية حظا أكبر باعتبارها تضم النسبة الأعلى من بشر كوكب الأرض واحجزوا للعرب وهم أهل المال وضاخوه الكرماء وباعتبارهم أمة خاصة بجغرافيتها ومصيرها ولغتها ودينها – حتى وقد توزعت الولاءات بين الشرق والغرب – احجزوا لها مقعدا مهما في أجندتكم الدولية حتى يكون لنا صوتنا الأمامي في قضايانا وقضايا الآخرين ..
اوقفوا لعبة اللعب بالبلدان النامية وخصصوا جوانب مهمة وعادلة لهذه البلدان البلدان التي تعج بالمشاكل والتحديات من كل نوع .. هناك في العالم النامي الذي يمتد من فيتنام الآسيوية إلى تشيلي اللاتينية ومن بوتسوانا الإفريقية إلى استونيا الأوربية .. أعطوها ما تستحق لكي تستفيد من مقدراتها في الزراعة والرعي والاقتصاد والمعرفة وخذوا بيدها لكي تتطور فيصبح عالمنا أكثر عدلا وأكثر عدالة وبهذا فقط تقل مشاكل هذا الكوكب السياسية ويركز الجميع على بناء مستقبل أفضل ..
اجعلوا من وسائلكم طرقا للإصلاح بين المتخاصمين ولفك المتنازعين لا لسلب حق ووهب باطل .. واجعلوا منها طرقا لتطوير الحضارات الإنسانية بلا تمييز .. وجندوا مقدرات الأمم من أجل الخير ونشر قيم العدل والبناء .. ولا تتحولوا إلى مشرعن ارعن لرغبات وإرادات الشعوب القوية أو تلك التي تجعل من التمويل مناسبة لتوجيه رأس الأمم المتحدة إلى حيث تريد ..
انظروا بعين الرفق لمسلمين يسامون سوء العذاب في بورما والصين ومالي وغيرها .. وانظروا إلى حال مئات الملايين من أبناء القارة الإفريقية يموتون من الجوع ومن أمراض بدائية .. وفكوا المتنازعين على الحدود بالطريقة التي لا تخلط زيت السياسة بماء المصلحة .. وأعيدوا ذكرى الأهداف السامية لتكوين هذه الهيئة مع كل حفلة بمرور عام جديد على ذكرى التأسيس ..
نريد عالما خاليا من النزاعات المسلحة ومن القلاقل السياسية .. عالما تسيطرون فيه على جنون السلاح التدميري الشامل .. تضبطون مناخ الأرض وتضعون مصالح الصين والهند والولايات المتحدة أكبر منتجي التلوث تحت مجهر المصلحة العامة لهذا الكوكب ..
ونريد من الأمم المتحدة ونحن ندشن معها عاما جديدا وقد زارتنا في مرابعنا مؤخرا أن تعمل الكثير من أجلنا عبر منظماتها ولكن « لله « فنحن بلد نامي لديه العديد من المقومات الاقتصادية والبنيوية الواعدة لكنه يرفل في فساد طاغ يضرب أطنابه من الرأس وحتى القدمين .. نريد عونا يساعدنا في التخلص من الفساد التلقائي أو المنظم ودعما يتلمس آفاقنا ومقدراتنا الزراعية والتعليمية والصحية كونها مثلث الاحتياج الأساسي والمستمر خصوصا مع سيل التحديات المتراكم منذ عقود ( أخطار مائية – زراعة ضعيفة التقنيات – زيادة سكانية انفجارية – هجرة مستمرة من الريف للحضر – ضعف وفساد بنية الصحة والعلاج ) وكلها تتصل بالفرد الواحد ومستقبل البلد كليا في المحصلة ..
أخيرا :
في كل عام تحتفل الأمم المتحدة بعيد إنشائها ونحتفل معها بمراجعة همومنا المحلية والإقليمية والقومية ومع كل حفلة أو ذكرى جديدة يتطلع العالم النامي وما فوق النامي إلى أهداف إنشاء هذه العصبة التي توسعت كثيرا عن عصبة الأمم التي أرادت منع تكرار حروب العالم الكبيرة .. نتذكر أكثر من غيرنا فوائد هذا الكيان الذي يحضر بفعل قواه الكبيرة في أمريكا وأوروبا ومال الخليج متى يشاء ويغيب متى يشاء وهو ما يجعل السؤال مستمرا عن العدالة وعن حيادية الدور والمهمة حتى لا نقول بعد ذلك إن هذه الهيئة بالفعل قد أنشئت من أجل منع الحروب بين الأمم الكبيرة ومن أجل تنفيذ أجنداتها السياسية والعسكرية والاقتصادية والزراعية والبيئية ونحوها على حساب الأمم الصغيرة .. كل عام ونحن والأمم المتحدة بخير ..

khalidjet@gmail.com

قد يعجبك ايضا