محورية مقيتة تعيد إنتاج المفسدة

جمال أحمد الظاهري


جمال أحمد الظاهري –
لا ادري إلى متى سيظل محور خلافاتنا حول شخوص أو أحزاب أو جماعات وإلى متى سنظل بعيدين عن مناقشة ما يستحق النقاش والاختلاف كباقي شعوب الأرض.
إنها آفة أو هالة القداسة التي اختطفتنا من مناقشة همومنا لتغرقنا في هالة الأصنام من الساسة والأحزاب التي تجر بالتبعية الناس للغرق في مكونات التنوع الشعبي المذهبي والمناطقي والأيديولوجي الذي من المؤكد أن له أبعادا تمتد إلى خارج القطر الذي نعيش فيه.
هذه المصيبة ليست حكرا علينا وحدنا كشعب يمني .. بل إنها تمتد لتشمل محيطنا الإقليمي وأمتنا العربية والإسلامية والأخيرة ليست كاملة غارقة في هذا المستنقع لأن هناك بعض الشعوب استطاعت أن تتجاوز مثل هذه الأمور ولها تجارب ناجحة أثمرت دولا متقدمة حين انتقلت من الاختلاف حول الشخوص والكيانات إلى الاختلاف حول الأطروحات والبرامج التي تتنافس فيها هذه الشخوص والكيانات التي اعتمدت التنافس في ما ستقدمه من مستقبل لشعوبها.
إننا نعتبر مصر ككيان إقليمي وكمكون شعبي في المنطقة العربية دون شك حجر الزاوية والترمومتر الذي يعطي إشارات موجهة للمنطقة العربية على اعتبار أنه القطر صاحب الحظ الأوفر من التجارب لنظم الحكم ولإدارة الخلاف لما تكتنزه هذه البلاد من ارث ثقافي وتجارب ولما تكتنفه أرضها من أدمغة نالت حضا وافرا من ثقافات وعلوم الأمم والشعوب المتطورة.
وإن وافقتموني ان مصر كما عرض سابقا فإني أقول وأستدل بما يدور على أرضها على ما استهللت به هذا المقال فمصر الساسة ومصر القادة لم تستطع حتى هذه اللحظة أن تقبض على بوصلة الحراك المجدي على الأقل حتى الآن ورغم أننا جميعا حين خرج الشعب المصري في ثورة أذهلت العالم وجعلت عيون أبناء المنطقة العربية شاخصة إليها تتابع حراكها الثوري وما سينتجه تعاني من نفس الحالة المزمنة التي تغرق فيها بقية شعوب منطقتنا العربية ما جعل تطلعات وأمال ابناء الأمة العربية تصاب بنكسة وتعيش حالة من شبه الفقدان للأمل لأنهم في مكنونهم ولما يعرفونه من تاريخ مصر وأثر ما يحدث على ارض الكنانة وتأثيره على باقي أقطار الأمة العربية أصيبوا بحالة من خيبة الأمل.
وبقراءة للحالة المصرية بداية بمكونها الأول والذي وصل إلى السلطة الآن (الإخوان المسلمين) هذا المكون الإخواني ورغم نضاله الطويل وتجاربه في صراعه مع الأنظمة المتعاقبة لعقود من الزمن يعيد إفراز نفس الأساليب ونفس الفكر التقديسي للرموز والجماعات والزمر والأدبيات, فقط لن أقول تقديسهم وسأقول احترامهم للمرشد العام للجماعة وقيادات الجماعة إلى حد التنزيه عن الخطأ .. بل ويرفضون حتى أن ينالهم أي نقد أو مناقشة كأنهم آلهة أو معصومون من الخطأ والزلل فهم أي اتباع المرشد والجماعة يعتقدون أن هؤلاء صفوة المجتمع وكل بياضه وخلاصة طهوره وأن القول بإمكانية خطأهم عدوان ما بعده عدوان أو كبيرة تستوجب الاستتابة والاعتذار لهم لأن من يسير هؤلاء هو الله ومثل هذه القناعات بالطبع خطأ ومصيبة ما بعدها مصيبة.
وبا التوازي مع جماعة مثل الإخوان ظهر جماعة أخرى سلفية أكثر تبجيلا وتقديسا لقادتها وزعمائها فقد وصل تبجيلهم لمشايخهم من السلفية وتقديرهم لهم وإلزام الآخرين بهم لجعله واجبا على الجميع والى وضع هالة قداسة حولهم تمنع انتقادهم أو رفض ما يقولون إن غالوا وتشددوا وانحرفوا عن الوسطية لأنهم الوحيدون السائرون على خطى الحبيب وصحابته الكرام وكأنهم مصطفون ليكونوا الناطقين باسم الله ورسوله وقيمين على دينه .
وفي المقابل وكلما غالى هؤلاء وشطحوا في غلوهم بادلهم الآخرون بالمثل من مؤيدي القوميين ومساندي الأمميين لما يعتبرونه منة على شعوبهم في نضالا تهم السابقة ضد المستعمر أو لما حققوه من بعض الإنجازات طوال الفترات التي حكموا فيها هذه الشعوب وعليه فهم يرفضون أن يشار إليهم بأي تقصير فما بالك بالإدانة ولا يعتبرون الأخطاء التي وقعوا فيها أو التقصير الذي رافقهم شيئا يذكر أمام ما قدموه لشعوبهم معتبرين ذلك منة منهم ومتناسين ما ألحقوه بهذه الشعوب من نكبات وما تسببوا فيه من خسارة لأوطانهم قياسا بما حققته شعوب وأمم أخرى مرت بنفس تجاربهم ومشاكلهم ولكنها حققت حياة ومكانة أفضل في الوسط العالمي الذي سبقهم بفراسخ كبيرة تحتاج لعقود وأجيال حتى تلحق هذه الشعوب وتحقق ما حققته غيرها.
وإذا ما افترضنا أن هناك جيلا جديدا وفكرا اخر غير ما ألفناه يسمي نفسه هذه الأيام بالجيل الثائر فإني اخشى عليه أن يقع في نفس الخطأ الذي غرق فيه من سبقه فها نحن اليوم نشاهد ونسمع كل يوم ما يدلل على أن جيل الثورات الربيعية سائر على نفس الهدى وكأننا كأجيال مختلفة قد ربطنا إلى نفس الساقية التي تظل تغزل حول نفس الترس الدائري المسنن المتشابك مع غيره أدوات الدوران المحوري الذي لا يوصل إلى أي مكان.
لماذا أقول ذلك لأني أرى بأم عيني وأسمع ب

قد يعجبك ايضا