أن يكون الأدب ترفا لا بد منه

صدام الشيباني

صدام الشيباني –
تشهد الحركة الأدبية في العالم العربي الكثير من التدافع على مستوى النص الأدبي الشعري منه والسردي على السواء في الفضاء الإعلامي الرحب وفي ظل تقلص المؤسساتية وانحصار عملها على الثقافة الرسمية البعيدة عن نبض الشارع . فالشعر لم يعد ذلك الشعر الموجه الى الجماهير , والرواية كذلك , مع اختلاف ذلك من قطر عربي الى آخر , وحسب التوجهات القومية المسيطرة في هذا البلد او ذاك .والحديث عن الأدب في عالم غير مستقر يعني الحديث عن مساحة التوتر القائمة بين الخطاب ومتلقيه , والحاجة والمقاصد , وكل هذا يفتح المجال لخوض النقاش عن الأدب ومآله في الفترة الراهنة والمستقبلية , كونه العالم النصي المرسوم الذي يعكس الحالة الحضارية التي نشأ فيها هذا النص او ذاك . ولا يمكن ان نتحدث عن خطاب شعري بعيدا عن الطقوس والشعائر والممارسات المهيمنة على الشارع .يتجه الخطاب الأدبي العربي ومن ضمنه اليمن نحو الحالات الذهنية والنفسية للذات العربية , كون هذه الذات تعاني المساحات الفكرية المغلقة , في جعل كل خطاب له حالته التي تنتجه , بلغتها المستقلة , التي تعبر عن حاجة اللحظة وانفعالها بالقيمة التي تريد الوصول اليها وهو ما أكسب الخطاب انشطارا هائلا عن المسلمات الابداعية واللغوية , سواء كان هذا الانشطار له القاعدة المعرفية الفلسفية , أو كان حالة ذهنية (ذهانية ) مرتبطة بوعي اليومي والمباشر , ومع ذلك هناك رغبة ملحة لإبقاء الخطاب ولغته تحت سيطرة التوجهات الثقافية الرسمية إلا أن ما حدث في السنوات الأخيرة من ثورات طرح تساؤلات مشروعة عن حقيقة الخطاب الأدبي والقضايا القومية الكبرى , كما بدأ ذلك في القرن الماضي . بداية النهضة , والعدوان الاسرائيلي , إذ لا يخفى على أحد أن هذا الخطاب يسير في مستويات من الوعي الفردي وصل فيها إلى أن يكون حاضرا على مستوى الإبداع , وغائبا على مستوى التلقي , وهذا ما جعل الخطاب يشعر بالفجوة الحقيقية (الترف ) في إطار التفاعل النصي الداخلي لبنية النص نفسه بعيدا عن ذاكرته . إذ لم يحضر الخطاب الضرورة الى هذه اللحظة . أن يكون الأدب ترفا يعني أن يبقى عند اللحظة الكتابية الزائدة عن الحاجة الاجتماعية والفردية , فهو يمثل للذات الأدبية شيئا , ولا يمثل للمحيط اي شيء , لأنه لا يلبي الحاجات النفسية والفكرية عند تلقيه . أن يكون الأدب ترفا يعني انه غير خاضع لأي رؤى فكرية وفلسفية وفنية , فهو وليد لحظة الكتابة , ولا يتعدى ذلك الى المستويات العميقة في الإبداع , ويبقى خاضعا للنسق التربوي التعليمي السطحي , الذي لا يتعاطى مع الآفاق الخيالية العالية التصور . قد يطالعنا شاعر من الشباب بمجموعة إصدارات ويلتزم بالشروط الاجتماعية المهيمنة للكتابة الشعرية , ومع ذلك يصبح المنجز الابداعي غير قادر على التجاوز الفني والقيمي , ليرسخ قاعدة كتابية شابة , تعبر عن تفكير شباب هذا العصر وطموحاتهم . يكون الأدب / شعرا ورواية وقصة / ترفا إذا كان يدور في التناقضات الشكلية , ويعمق الخلاف حول الانتماء الى الأشكال التعبيرية الكتابية , سردا / وشعرا , الشعر المسرود , والسرد المشعرن …… وينغلق كاتبه في المستوى التعبيري الأحادي الذي لا يتعدى الأجناسية والمنظور اللغوي لها . ويبدو ان التعصب للشكل التعبيري هو الذي يتحكم في العقل القرائي للأدب , وهذا أثر كثيرا على الإنتاج الشعري . وتلقيه , مما ادى الى تشكيل عصبويات إبداعية , أدخلت نفسها في التصنيف الضيق , وهذا عزلها عن التأثير والتأثر في المجتمع واليه . يكون الأدب ترفا إذا استفحل فيه (وهم المغايرة) – على رأي أدونيس- وجرى الحديث عن الإبداع الشعري والنثري , من باب الأصيل والهجين في الكتابة , فهذا يكتب للتميز أسلوبيا , وذاك يؤلف ينسج فنا خالصا للفن , على ان المغايرة هي المؤشر الذي ينطلق منه الأديب ليثبت أصالته الأدبية , ويتناسى مع ذلك الكثير من القضايا العامة والخاصة ليخلق ادبا رفيعا خالدا . توهم الكثير من الشعراء الشباب بانهم يكتبون شعرا مغايرا للشعر الموجود , وأنهم يبحثون عن الريادة , والتفرد , في حين لا يلاحظ المتامل القارئ أي بصمات إبداعية , أو خصائص كتابية وفنية في اعمالهم , وان القول بالتفرد يخالف الممارسة الكتابية , وهذا نوع من أنواع الانفصام الفكري السائد في حياتنا الثقافية.الأدب ترف إذا دخل مرحلة (التكرارية) على المستوى الفكري , وذلك باجترار الأفكار التقليدية والانتماءات الضيقة , وعاد الى المناهل الأولى ليعمل على تكريسها في العقل , عبر الأدب , بإعادة إنتاج العناصر المستهلكة في الفكر , دون إضفاء أية دلالات جديدة , تكسر المعاني الأولى , وتغير نمط تلقي هذه العناصر . وعلى المستوى اللغوي , بإعادة إنتاج اللغة المكرورة , والأساليب الجاهزة , والمفردات الخالية من التراكيب الشعرية , وتكرار الأساليب التي يستخدمها (س) من الشعراء , لتصبح معممة بعد ذلك على اكبر عدد من الجيل . ويكون ترفا عندما لا يجد الأديب والشاعر الدوافع الحقيقية التي ت

قد يعجبك ايضا