أيلول العظيم
جميل مفرح
جميل مفرح –
< السادس والعشرون من سبتمبر أيلول.. إنه الموعد السنوي الأبرز والمناسبة الأغلى على قلوب اليمنيين من أقصى الوطن إلى أقصاه.. كان ميعادا أولا واستهلالا مباركا للتخلص من واقع كان مكبلا بالظلم محاصرا بالتخلف والفقر والجهل موعدا للانعتاق من عصر الانزواء وراء حواجز الزمن والإقصاء خارج أسوار الحياة المعاصرة كنسي منسي لا يكاد يذكر أو يتذكر إلا إذا استدعيت أذكار وأنباء التخلف واستعباد الشعوب وتقهقرها القسري إلى ما وراء الماضي الذي كان يحاول وطننا الانفلات من قيوده عبر تحركات ثورية قائمة على أمنيات شعبية كبيرة بتغير الحال وتحسن الواقع تحركات ثورات محاولات هروب من ذلك السجن المميت توجت كلها أخيرا في ذلك الموعد الذي كان بمثابة انبلاج صباح مشرق من ليل طويل مبهم كاد لا ينتهي لولا ذلك اليوم العظيم.
< لقد كانت بالفعل ثورة سبتمبر المفتاح الذي كان مفقودا والذي مثل العثور عليه انطلاقة الحياة الحقيقية ليمن جديد في كل معانيه وأحواله فتح الأبواب المقفلة في وجه شعب كابد وعانى كثيرا شعب حر رفض في لحظته أو موعده السبتمبري أن يتحمل أكثر مما مر به من عناء التأخر وألم الفقر والعوز وحسرات الغياب أو التغييب القسري عن عصره والتقهقر عن مواكبة العالم من حوله.
ميعاد انبعاث وميلاد جديد انبثقت من بعده حالات الرفض والثورة على كل ما يمكن أن يكون عائقا في وجه الثورة ثورة اليمنيين كل اليمنيين الذين ضحوا من أجلها وفي سبيل إيقاد شعلتها وإحياء زمنها الجديد بكل غال ونفيس وليس أغلى ولا أنفس أو أثمن من الدماء التي سالت زكية طاهرة لتغسل وعثاء الزمن السالف وآثاره المقيتة.
< سبتمبر/أيلول المجيد الذي مثل بسملة مقدسة لانتفاضة شعب قهر طويلا وظلم كثيرا كان بسملة تلتها آيات من الرفض للهوان والانتصار لقيم الثورة ومعانيها فجاءت من بعده مواعيد أخرى لتحرير الوطن كالانتصار على حصار فرضته القوى الظلامية الرجعية خوفا من قيم الثورة وآثارها على مصالحهم ونفوذهم على حياتهم ثم تجسدت قيم الثورة وانبثقت أفكارها وتواصل أوارها لتولد ثورة الرابع عشر من اكتوبر 1963م ثم الثلاثين من نوفمبر والتخلص من كل ما يتعلق بالتسلط القاسي والاحتلال الأكثر قسوة.. وهنا يتبين لنا كم كان أيلول إيذانا بعهد جديد لليمن واليمنيين في كل بقعة وشبر من أراضي الوطن.
< إن من يشبه أي حدث في تاريخ اليمن وربما المنطقة برمتها بأيلول العظيم كمن يريد أن يلبس حقا بباطل أو أن يحجب الشمس بغربال كما يقولون.. وإن التنكر لفضل ودور هذا الحدث في تاريخ وطننا اليمني جريمة كبرى وفعل أهوج لن يكون وراءه إلا من كان له ثأرات شخصية متعصبة ليس لها أية علاقة بمصلحة الوطن وعزته ومجده.
< ولذا علينا جميعا أن نربي بداخلنا الوطنية بشكل حقيقي وبصورة تجسد معناها في أسمى وأصدق صورة وأعتقد أن ذلك لن يكون حاصلا ما لم نكن مؤمنين ومتمكسين بقيمنا العليا وإنه لمن المعيب علينا حقا أن نتنكر لحدث شكل علامة فارقة في تاريخ وطننا الحبيب كالسادس والعشرين من سبتمبر/أيلول العظيم.