حتى لا يئد المتنبي كل أعيادنا
عوض الدرمكي
عوض الدرمكي –
كان بنيامين فرانكلين ـ أحد أبرز مؤسسي الولايات المتحدة في القرن الثامن عشر ـ يتحدث عن تعديلات الدستور عندما قاطعه أحد الحضور قائلا له بغضب: دعنا من كل هذا الكلام وأخبرني أين السعادة التي يفترض أن نعيشها¿ فرد عليه فرانكلين مبتسما: «يا صديقي الدستور الأميركي يضمن للشعب الحق في السعي إلى السعادة و عليك أن تحققها بنفسك»!
يحلو للبعض التنغيص على كل حدث بإثارة شبه أو ذكر حقائق ولكن خارج سياقها الحقيقي ولا يبدو أن بمقدورهم تحمل رؤية أن يمر الناس ببعض المراحل البيضاء لتنفس هواء نقي ونفض غبار الهموم عن كاهل الهمة التي أبلتها تقلبات الأيام وأهلها وكأنهم بوأد ابتسامة الآخرين سيصلحون موازين الواقع المختلة لذا نستغرب من أولئك الذين ينامون عاما كاملا دون أن ينبسوا ببنت شفة ثم يصحوا فجأة قبل أن تطل علينا شمس العيد ليعيدوا علينا أسطوانة النكد المعتادة: كيف نفرح بالعيد وإخواننا في العالم يقتلون ويهجرون!
وكم هو مضجر ذاك التكرار الغارق في اغتيال فرحة عيد الأمة بترداد قصيدة المتنبي: «عيد بأية حال عدت يا عيد» متناسين أن المتنبي ـ رغم شاعريته العظيمة ـ كان رأسا في التناقض بين ما يقول وما يفعل فقد استتيب من ادعاء النبوة ثم أصبح شاعرا متملقا لم يدع أميرا ذا نوال إلا ومدحه ومن لم يعطöه ما أراد سلقه بلسان بذيء ثم كانت نهايته مقتولا وهو يبحث عن تلك المطامع فكيف يؤخذ منه ذلك التشاؤم ليكدر ما تبقى من فرح في تاريخ الأمة ¿ ومن نصب أولئك المتشائمين ليسمموا أبداننا بقصص النكد تلك ¿
ألا يكفيهم سقم الحال ومرارة الواقع ليحرموا الناس من الفرح ليوم أو يومين ¿ وهل بترك الابتهاج بعيد شرعه المولى سبحانه سنحرر وطنا مغتصبا أو ننصر فئة مفجوعة أو نعيد حقا مسلوبا ¿ وأي خير سيأتöي من جلد الذات واستدرار النكد والهم وتكريس السوداوية في نفسية المجتمع¿ وكيف لمجتمع منكسر منهزم الداخل أن يتطور وينافس الأمم المتقدمة ¿ وكيف لآباء وأمهات يستكثرون على أنفسهم الفرحة والابتسام أن يربوا جيلا ايجابيا ينظر للدنيا بتفاؤل ويؤمن بقدرته على خلق غد أجمل لأمته ويتيقن أن وراء كل ضيق فرجا لمن جعل العلم والتفاؤل زاده ووقود رحلته¿
إن نتأسى فلتكن أسوتنا سيد الخلق صلى الله عليه وسلم والذي كان رمزا انسانيا خالدا في