ماذا أعد اليمنيون للاحتفال بيــوبيلهـــم الذهبـــي (2)
جمال عبدالحميد عبدالمغني
جمال عبدالحميد عبدالمغني –
بعد بضعة أيام سيحتفل اليمنيون بمناسبة مرور نصف قرن على ثورتهم الكبرى أو ثورتهم «المعجزة» كما يحلو للبعض أن يسميها نظرا لحجم الإنجاز الذي حققته بالمقارنة بضآلة الإمكانيات التي كان يمتلكها صناع الثورة الأبطال الأشاوس العظماء ناهيك عن متوسط أعمارهم الذي تراوح بين الخامسة والعشرين والثلاثين عاما أعني بأولئك الشباب «تنظيم الضباط الأحرار» فهم باعتراف الجميع نواة الثورة ومحورها ورأسها وعمودها الفقري.
ومنú يقرأ بتمعن ما كتب عن أولئك الأفذاذ وما أحدثوه من زلزال مدو ليس في اليمن فحسب بل في المنطقة بأسرها سيصاب بالذهول والدهشة كيف استطاع خريجو الدفعتين الأولى والثانية من الكلية الحربية فور تخرجهم أن يغيروا مجرى التاريخ اليمني خلال فترة وجيزة وأن يلتفوا حول هدف نبيل وغاية سامية بأقل الإمكانيات اللازمة لإحداث ذلك البركان لكنهم امتلكوا – بلا شك – أعظم وأمضى سلاح ألا وهو الإيمان الراسخ بعدالة القضية والإرادة الفولاذية للقفز على المستحيل كضرورة حتمية لصناعة الأمل وصياغة مفردات التغيير الخرافي.
وبالإضافة إلى سلاحي الإيمان والإرادة فقد كان أولئك النبلاء جلهم أو كلهم يتميزون بسجايا يندر وجودها في أي جيل بصورة جمعية أو غالبة وأهم تلك السجايا : الإيثار ونكران الذات والذوبان في الوطن والعطاء اللامحدود دون انتظار المردود أو المكاسب المأمولة في حالة النجاح أما الشيء اللافت لنظر المتتبع لحكايتهم العجيبة وسيرتهم العطرة فهو انعدام وجود الخونة أو المتسلقين في صفوفهم والدقة والسرية التي صاحبت الإعداد والتخطيط والتنفيذ للثورة الكبرى.
وثمة أمران لا يمكن إغفالهما في هذه العجالة وكان لهما تأثير ساعد على نجاح الثورة هذان الأمران هما : قوة التأثير والإقناع والفراسة المذهلة في اختيار واستقطاب رموز الحركة الوطنية من خارج إطار التنظيم ومن مختلف الشرائح والمناطق اليمنية وقد نجح التنظيم في إقناع كل منú تم استقطابهم وتسخير جهودهم وخبراتهم ونفوذهم لصالح الوطن ولتوفير كل سبل النجاح للوصول إلى الغاية المنشودة وذلك ما تحقق بالفعل يوم السادس والعشرين من سبتمبر 1962م.
تلك السجايا والقدرات التي تفرد بها قائد التنظيم والثورة الشهيد علي عبدالمغني ورفاقه في قيادة التنظيم كما قرأناها في كتابات العديد من الكتاب الكبار والمحايدين أمثال محمد حسنين هيكل في «خريف الغضب وسنوات الغليان» وغيره من الكتب التي أصدرها مؤخرا والعديد من الكتاب المصريين والباحثين العرب – سنذكرهم وما قالوه في كتبهم في إصدار قادم بإذن الله تعالى – وهذه الحقائق مدونة في كتب العديد من المستشرقين الأجانب على سبيل المثال الباحثة الروسية جلويو فاسكايا «عن منظمة الضباط الأحرار» كأبرز منظمة مناهضة للإمام وقادها علي عبدالمغني وجزيلان – حسب رأيها – وكذلك المستشرقين دانا سميث في كتاب «اليمن والحرب المجهولة» وغيرهما من الكتاب الأجانب بالإضافة إلى ما كتبه المئات من الكتاب اليمنيين سواء الباحثين أو رفاق النضال من أعضاء التنظيم فماذا أعد اليمنيون للاحتفال بصناع المجد¿
للحديث بقية…