إعانة الفقراء في الشهر الكريم

فاهم الفضلي


فاهم الفضلي –
لا شك أن الصوم تهذيب للنفس وتصفية وتزكية لها ليتقرب العبد إلى ربه بلون من ألوان العبادة والصوم فيه أيضا الشعور الذي يتولد لدى الصائم عندما تمضي عليه الساعات الطوال بحرارة الجوع وألم العطش الذي لا يشعر بها غير الفقراء والمساكين فالصائم الغني عندما يمتنع عن الطعام والشراب استجابة لأمر الله يذوق شيئا من ألم الجوع الذي يذوقه الفقير في سائر أيام وأشهر السنة وإذا كان صيام الصائم الغني فريضة يشعر أنها تقربه إلى الله سبحانه وتعالى واستجابة لشعور أولئك الفقراء والمحرومين وتنبه الصائم الغني في هذه النقطة أنه يجب أن يكون في عون أخيه المؤمن الفقير في رمضان وفي غير رمضان. ووقفتنا اليوم ستكون مع أهم شريحة تعاني من نقص الحاجة ألا وهم الفقراء والمساكين فقد بين رسولنا الكريم عليه السلام مكانة الفقراء بين الناس عند الله فقال عليه السلام: «يدخل الفقير الجنة قبل الغني». وقال: «أكثر أهل الجنة الفقراء» وأباح الإسلام للفرد أن يكون غنيا ما استطاع ولمن كان غنيا أن يحافظ على غناه. وحرم الإسلام على الفقير أن يتكل على أسباب التسول وانتظار المحسنين وحثه على أن يعيش من كده وأظفارهومن هنا يأتي التكافل الاجتماعي في الإسلام -أيها الإخوة القراء- الذي يقوم على عناصر الرحمة والشفقة والرحمة وعلى إنفاق الفضل من المال وعلى التصدق مهما كان المال قليلا وعلى تعهد أحوال الفقراء والمساكين والتعرف على حاجاتهم في المعيشة.
وشهر رمضان يمتاز أنه شهر المواساة والتراحم والتكافل بين المسلمين. فالاهتمام بالفقراء والمحتاجين في هذا الشهر الشريف ومساعدتهم ماديا ومعنويا وتلبية بعض متطلباتهم وتحقيق بعض حوائجهم من أفضل الأعمال وأنبل الصفات التي يجب القيام بها. كما أن القيام بدعوة الفقراء والمحتاجين إلى وجبة إفطار من الأعمال التي ندب إليها الإسلام.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا «فقوله صلى الله عليه وسلم «من فطر صائما» أي أطعمه وسقاه عند إفطاره دعوة إلى الترابط والتكافل والمواساة. فالترابط يظهر من خلال زيارة الأهل والأصحاب وما تنتجه الزيارة من ود ومحبة وتمتين لأواصر الرحم والصحبة. وأما التكافل والمواساة فيظهران في العطف على الفقراء بإطعامهم وما يمثله ذلك من مساعدة لهم على أداء الفريضة وإشعارهم بالأخوة في الدين وأنهم جزء من المجتمع غير منسي. «والحقيقة أن الغرض الأسمى من وراء قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من فطر صائما كان له مثل أجره» هو حث الناس على إطعام الفقراء خاصة وإن دخل في عموم الطلب إفطار الصائم مطلقا ولو كان غنيا. ذلك أن الفقراء والمساكين في رمضان أحوج من غيرهم إلى لقمة تسد رمقهم وتقويهم على عبادة الصيام والقيام. فليس المقصود من الحديث كما فهم بعض الناس أن نفطر الغني أو نتخذ من رمضان مناسبة نظهر فيها الكرم والجود على الأهل والأصحاب وإن كانوا من الأغنياء ونترك الفقير والمسكين الجائع الذي لا يجد ما يأكله فإن هذا لا يجوز. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما آمن بي من بات شبعانا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به وقال صلى الله عليه وسلم: «أطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني» أي السجين وفي تقديم مليون وجبة إفطار في رمضان وفي العفو عن مئات من السجناء في المناسبات الدينية والوطنية تطبيق حي رائع لهذا النداء النبوي الكريم.
فقد سئل صلى الله عليه وسلم عن أي الصدقة أفضل¿ قال: «الصدقة في رمضان « ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جوادا وأكثر ما يكون في رمضان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله» صلى الله عليه وسلم «أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فالرسول صلى الله عليه وسلم كان أجود بالخير من الريح المرسلة».
ولذا فكثرة التصدق فى شهر رمضان تمكن الفقراء والمساكين من شراء مستلزمات الحياة وهذا بدوره يسبب حركة اقتصادية وهذا ما نشاهده في زيادة نشاط حركة التجار في رمضان. فهذه الفئة المنكوبة لها الحق في الحياة الكريمة بل جعل من الإحسان إليها ما يرد النعمة على فاعلها وشهر رمضان كالسيف الذي يغرس في خاصرة الفقر حيث إعطاء الفقير هو حق على كل غني بل إن الإسلام يحث على الإنفاق في سبيل الله والتصدق على الفقراء والمساكين بصفة عامة في كل الأشهر وفى رمضان بصفة خاصة وذلك لسد حاجة المعوزين والتوسعة عليهم وإدخال الفرحة في قلوبهم حتى لا يشعروا بمرارة الحاجة والفقر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم يتسابقون في الصدقات وتقديم الطعام للصائمين. فلنحول شهر رمضان المبارك- إخواني وأخواتي- ولنجعل هذا الشهر شهر تغيير في كل شيء في حياتنا الخاصة وفي مسيرتنا العام

قد يعجبك ايضا