رغم التشاؤم المحاولة ممكنة

علي ربيع

 -  لا نريد أن تدخل اليمن في صراعات الأشخاص وأحقادهم وعلى الأحزاب أن تفهم أنها ليست ملكا لشخص ولا رهنا لمشيئة أفراد أو حاشية عليها أن تدرك أنها لها الحق في البقاء كما
علي ربيع –
 لا نريد أن تدخل اليمن في صراعات الأشخاص وأحقادهم وعلى الأحزاب أن تفهم أنها ليست ملكا لشخص ولا رهنا لمشيئة أفراد أو حاشية عليها أن تدرك أنها لها الحق في البقاء كما لخصومها ذات الحق وفقا لمبادئ التعدد السياسي والتوجه الديمقراطي  وإذا كان الأشخاص المتحكمون بأطراف الصراع السياسي في اليمن غير قادرين على الاعتراف ببعضهم وبحقهم في البقاء والمواطنة فعليهم أن يسووا حساباتهم بعيدا عن الشعب اليمني بالطرق التي يرونها مشبعة لأحقادهم وعداواتهم أما اليمنيون برمتهم فلا يعنيهم سوى الخروج من النفق وتحقيق أحلامهم المؤجلة في دولة المواطنة المتساوية القائمة على العدل والحرية والكرامة بعيدا عن سلطة الاستثناءات الغبية سواء أكانت حزبية أو مناطقية أو مذهبية أو قبلية أو غير ذلك من العصبويات المتخلفة المتنافية كلية مع المفهوم المعاصر للدولة الوطنية  ليس جريمة أن يكون للشخص أتباع ومحبون في إطار المواطنة الجريمة أن يصبح الوطن ثكنات متقاتلة متناحرة لا ترى سوى نفسها وغيرها هو الجحيم الجريمة هي أن نقاتل من أجل شخص الجريمة هي أن يتحول المشروع الوطني إلى مشاريع في جيوب أشخاص يتحكمون بالمال ويشترون الأتباع ويهيمنون على الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني  الجريمة هي أن نكرس مبدأ الفرز على أساس الانتماء الجغرافي أو الحزبي أو المذهبي الجريمة أن تصر القوى المتنفذة على ذات النهج في إشعال الفتن ومحاولة الالتفاف على التسوية السياسية بين أطراف الأزمة اليمنية  إن الشعب ينتظر إنفراجة حقيقية تطال حياته وتميط سحنة البؤس التي تغلف جباله وسهوله انفراجة تصلح معضلة التعليم وتخفف من كارثة البطالة وتضع حجر الأساس لدولة المؤسسات وللاقتصاد القائم على إنتاجية الفرد النوعية مما يعني أننا لا نملك خيارات متعددة وآمنة سوى المضي في إكمال هذه التسوية أو إعلان التنصل منها لنخوض تراجيديا هزلية بطلها المتوج هو الفوضى بلاحدود  فلا داعي لاجترار مثالب ما قبل الوفاق ولا ازدراء ما بعده أو مقاومته المسألة الآن هي الإخلاص لإنجاز جوهر هذا الاتفاق ومساندة الحكومة ورئيس الجمهورية والكف عن استنساخ واقع العدائية المأزوم على أرضية الوفاق بالأدوات ذاتها وبالخطاب الاستنفاري العدائي ذاته  أعلم يقينا أن المعوقات كثيرة وأعلم أن الصراع السياسي في اليمن تديره نفس العقليات ونفس الأشخاص ونفس الثقافة ونفس القوى الاجتماعية المهيمنة من نصف قرن من تاريخ اليمن المعاصر وليس بالإمكان التخلص من كل هذا الإرث بسهولة لكن المحاولة تستحق أن نستمر في خطى التوافق والحوار فربما لدى المغيب ما يتمناه الجميع  أقول المحاولة مشروعة وضرورية رغم اعتقادي الدائم أن الإشكالية في الأساس إشكالية ثقافية بحتة متعلقة بوعي الإنسان تجاه فكرة الدولة والوطن والمجتمع المدني والتي يرى فيها خطرا يزعزع أركان ثقافته التقليدية القائمة على البناء القبلي والمناطقي والمذهبي والأسري أي الانتماء الضيق لرابطة الدم أو المعتقد وكما أن فكرة الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية والإعلامية لم تحل مشاكلنا طيلة ربع قرن يبقى الخوف قائما من أن كل استحداث قادم على نظام الحكم سيظل شكليا فقط وربما يزيد من حجم الإشكالية وتشعبها  ويكفي أننا رأينا في الفترة ذاتها كيف فهم المجتمع الحزبية والانتماء إليها فهي ليست إطارا للعمل الجماعي المنظم الذي يمتلك برنامجا أو مشروعا للتنمية الشاملة والبناء النوعي وإنما هي خندق للتصدي للآخر ومحاربته والحط من شأنه وبالتالي اختزال أهداف الحزب إلى هدف وحيد هو إقصاء الآخر وتعميق الكفر به وإلغائه وهو الأمر الذي قاد قناعاتنا إلى يقين السؤال الصادم ما الذي يمكن أن يقدمه حزب لا يستطيع حزب آخر أن يقدمه في ظل ثقافة اجتماعية واحدة من ركائزها الاستقواء والإلغاء والتشبث الأحادي بالفكرة والقرار والسلطة والأشخاص

قد يعجبك ايضا