الواقع والأسطورة (10)

أحمد يحيى الديلمي

 - الهواية ومجتمع النميمة
‮ ‬المعلومة التي‮ ‬انتهينا إليها في‮ ‬الحلقة السابقة تؤكد أهمية الفن لدى أبناء صنعاء لأن زياد
أحمد يحيى الديلمي –
الهواية ومجتمع النميمة
‮> ‬المعلومة التي‮ ‬انتهينا إليها في‮ ‬الحلقة السابقة تؤكد أهمية الفن لدى أبناء صنعاء لأن زيادة عدد الهواة‮ ‬يكشف عن هذه الحقيقة رغم أجواء المنع وإقحام الدين بجلالة وعظمة قدره في‮ ‬الأمر‮ ‬وما رافق العملية من رقابة مشددة ومتابعة من قبل الأسر قبل الجهات المعنية في‮ ‬الدولة كما ورد في‮ ‬حديث الفنان أحمد السنيدار رغم هذه الأجواء المعتمة إلا أن إرادة التحدي‮ ‬كانت أقوى وظلت أعداد المحترفين والهواة تتزايد من عام لآخر وكان الهواة أكثر وكلهم‮ ‬ينتمون إلى أسر كبيرة ومعروفة مما جعل الواحد منهم‮ ‬يتكتم على الهواية ولا‮ ‬يفصح عنها إلا في‮ ‬مجالس خاصة‮ ‬كما أسلفنا الخشية كانت كبيرة من رد فعل الأسرة والوسط العائلي‮ ‬الذي‮ ‬ينتمي‮ ‬إليه الفنان أكثر من الخشية من ردود فعل الآخرين بالذات فلقد خفت الرقابة بعد تولي‮ ‬الأمر الإمام أحمد خلفا لوالده‮.‬
في‮ ‬هذا الجانب ذكر‮ ‬لي‮ ‬اللواء أحمد مسعود رحمة الله عليه أن حسين حنش الذي‮ ‬كان بمثابة مدير الأمن آنذاك اكتشف عدة مجالس فذهب لابلاغ‮ ‬هيئة الأمر بالمعروف والنهي‮ ‬عن المنكر وكانت برئاسة القاضي‮ ‬عبدالله أحمد الحجري‮ ‬رحمة الله عليه فقوبل بلاغه بالاهمال والتجاهل‮.‬
ولم‮ ‬يتوقف الأمر على ذلك‮ ‬لكن أحد الأعضاء أنبه لأنه‮ ‬يهمل القضايا الكبيرة المتعلقة بأمن الدولة ويهتم بما اسماها السفاسف وسأله عضو آخر هل تناهى إلى سمعك أن من‮ ‬يحضرون هذه المجالس‮ ‬يتحدثون عن مولانا الإمام بسوء‮ ‬وعندما أجاب حنش بالنفي‮ ‬أجاب العضو إذا دعهم‮ ‬يتسلون‮ ‬ويريحون عن أنفسهم هذه أفضل وسيلة لإبعاد الناس عن اللغو الفاحش واستهداف النظام‮.‬
للتذكير العقيد حسين حنش هو والد الفنان الشعبي‮ ‬علي‮ ‬حنش‮ ‬المهم أن المعلومة عادت بالذاكرة إلى كلام الإمام‮ ‬يحيى رحمه الله عن أهالي‮ ‬الحديدة‮ ‬في‮ ‬كلا الحالتين‮ ‬يتضح اسلوب تعاطي‮ ‬الأنظمة مع الدين فالتشدد في‮ ‬الكثير من الأحيان لا‮ ‬يكون الهدف منه خدمة الدين وحمايته بقدر ما تكون الغاية الاستفادة من المعتقد الإلهي‮ ‬وتحويله إلى سيف مصلت على رقاب العباد‮.‬
مع ذلك فإن حالة الانفراج لم تنزل إلى مستويات المجتمع الدنيا وظلت حالات الازدراء والاحتقار تطال كل شخص‮ ‬يتعاطى مع الفن على أي‮ ‬مستوى من المستويات‮ ‬كما هو حال مجتمع المدينة‮ ‬يكون أبناؤه أكثر ميلا للنميمة والقيل والقال‮.‬
قال لي‮ ‬أحد الهواة أنه تعرض لأزمة كبيرة مع والده وبقية أفراد الأسرة عندما اكتشفوا أنه‮ ‬يعزف على العود وكان السبب أحد الأشخاص ممن كانوا معه في‮ ‬المقيل وكان أكثر الحاضرين تفاعل وولها‮ ‬مع ذلك سمعه بنفسه وهو‮ ‬يخبر والده وكان هذا سبب التحفظ الكبير‮ .‬
أساطير وحكايات
‮> ‬للأسف ساد اعتقاد لدى الكثيرين بأن بعض أعمال الغيبة والنميمة فعل مشروع لا‮ ‬يتعارض مع أحكام الدين إذا كان الهدف منه الأمر بالمعروف والنهي‮ ‬عن المنكر وتأخذ المشروعية منحى آخر من وجهة نظر العسس والمخبرين لأن الواحد منهم‮ ‬يرى في‮ ‬ما‮ ‬يقوم به خدمة للوطن ودفاعا‮ ‬بينما كشفت الأيام أن هذه المقولة ساذجة لأن الوطن لا‮ ‬يكون سوى النظام الملكي‮ ‬أو‮ ‬الإمام أو الرئيس ورأس النظام تحت أي‮ ‬مسمى‮ ‬يختزل كل شيء في‮ ‬ذاته الدين والوطن والشعب والأهداف والغايات والمبادئ‮.‬
في‮ ‬كل الحالات الاعتقادات السابقة خاطئة تتعارض مع قوله تعالى‮ »‬ولا تجسسوا ولا‮ ‬يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدك

قد يعجبك ايضا