الحرب في سيناء والصراع في القاهرة
جلال عارف
جلال عارف –
وجود الجماعات الإرهابية في شبه حزيرة سيناء ليس جديدا. إنه يمتد لأكثر من عشر سنوات قبل ثورة يناير هذه المرة يختلف الوضع . الهجمة الإرهابية في رفح استهدفت الجنود المصريين واستطاعت ان تحصد أرواح ستة عشر منهم تاركة عددا من المصابين بعضهم في حالة سيئة.
الرواية الاسرائيلية تقول إن الهدف النهائي للعملية كان مهاجمة الاسرائيليين بعد ذلك بهدف أسر بعضهم وهو ما لم يتحقق لكن رواية من نجا من المذبحة من الجنود المصريين تقول إن صيحات الإرهابيين كانت تصف الجنود المصريين بأنهم»كفار» وأيضا .. ليس هذا بجديد تماما فعلى مدى الشهور التالية للثورة كانت هناك خطوات على هذا الطريق الآثم.
تم اقتحام أقسام الشرطة وتم استغلال الفراغ الأمني لتحويل سيناء إلى بؤرة للمنظمات التي تقول إنها «جهادية». تمدد التيار السلفي وانتشر بين البدو هناك ومعهم كان»الجهاديون» القادمون من غزة عبر الأنفاق ومن اليمن بحرا وبرا ومن ليبيا بعد التغيير هناك.
و كانت الملاحظة أن أموالا هائلة يتم إنفاقها علي هؤلاء وفي شراء ولاء بعض النافذين في القبائل وأن السلاح يتدفق بكميات هائلة ولم تكن الأسلحة المتطورة التي تم ضبطها أثناء عبورها الأراضي المصرية من ليبيا هي الأساسي رغم تطورها و أنواعها (شملت صواريخ وقنابل متقدمة) لكن الممر الأساسي للسلاح القادم إلى سيناء كان من الجنوب عبر السودان.
هذه المرة كانت تشير إلى ان حجم المخاطر قد تجاوز كل الحدود وربما يمكن لنا هنا أن نستعيد موقفا جاء بعد ثورة يوليو 52 وبعد رفضها الضغط الأمريكي للإنضواء في الأحلاف الغربية بالمنطقة ورفضها العروض للصلح مع اسرائيل وتصفية القضية الفلسطينية واتجاهها نحو سياسة تؤكد على الخط القومي العربي لمصر يومها بدأت اسرائيل تتحرك وقامت بعدوان كبير عام 1955 على الجيش المصري في قطاع غزة الذي كان يومها تحت الإدارة المصرية وسقط عشرات القتلى.
وفهم عبد الناصر الرسالة وأدرك أن المقصود وضع حدود لأي طموح للنظام الجديد في مصر. ولم تكن الحرب متاحة أمام مصر حيث جيش الاحتلال البريطاني مازال يستكمل انسحابه من قاعدة قناة السويس وحيث الجيش المصري مازال يبحث منذ ثورة 52 عن السلاح وأمريكا تسوف وتماطل.
ومع ذلك تحركت مصر. أنذرت أمريكا بأنها لن تبقى بدون سلاح أمام عدو يقتل أبناؤها. وأرسلت جنودها لعمليات فدائية داخل حدود اسرائيل. ثم كانت الضربة التي غيرت موازين القوى في المنطقة حين كسرت مصر احتكار الدول الغربية للسلاح في المنطقة وعقدت صفقة الأسلحة مع الاتحاد السوفيتي وبدأت صفحة أخرى في تاريخ ال