الواقع والأسطورة «29»

أحمد يحيى الديلمي

 - جبل نقم: معلم بارز
مضت آلاف السنين وصنعاء مدينة الأساطير والأحلام الجميلة نائمة في الحضن الدافئ لجبل نقم الأشم وجود الجبل في جهة المدينة الجنوبية الشرقية منحها مهابة خاصة تحولت إلى إحساس بالثقة والكبرياء وقد رأى المفكر والرحالة العربي أمين الريحاني أن صنعاء ما كانت بنفس المهابة والكبرياء لولا وجود الجبل الأشم
أحمد يحيى الديلمي –
جبل نقم: معلم بارز
مضت آلاف السنين وصنعاء مدينة الأساطير والأحلام الجميلة نائمة في الحضن الدافئ لجبل نقم الأشم وجود الجبل في جهة المدينة الجنوبية الشرقية منحها مهابة خاصة تحولت إلى إحساس بالثقة والكبرياء وقد رأى المفكر والرحالة العربي أمين الريحاني أن صنعاء ما كانت بنفس المهابة والكبرياء لولا وجود الجبل الأشم والعناق الأبدي بين الجبل والمدينة حفز أستاذ الأجيال الشاعر العربي الكبير الأستاذ الدكتور عبدالعزيز المقالح على الاعتراض على اسم الجبل فلقد اعتبر اسم نقم مدعاة للشؤم لاتصاله بمفردة الانتقام مؤكدا بأن غيمان هو الاسم التاريخي للجبل لارتباطه بسلسلة من الجبال تنتهي إلى منطقة غيمان التاريخية لن أخوض في الأمر وأكتفي بتأييد ما ذهب إليه الدكتور عبدالعزيز لأن وجهة نظره جديرة بالاهتمام المهم أن الجبل يعد من أبرز معالم المدينة.
عين الفقيه
كان الجبل إلى عقود قريبة متنفس أهل صنعاء خاصة أن المزارع كانت تحيط به من كل الاتجاهات لتشكل متنزهات يرتادها الناس في العطل الرسمية والمناسبات أما بعض أهل صنعاء فكانوا يتسلقون الجبل كل صباح بغرض الدورة وجلب المياه من عين الفقيه وهي عين مياه عذبة كانت تنبع بجوار المبنى القائم حاليا في متعرج أدنى من القشلة الموجودة على سفح الجبل.
كانت مياه العين غاية في العذوبة والنقاء فأصبحت محط اهتمام وإقبال الكثيرين من أهل صنعاء وقد عرفتها بنفسي وشربت منها عام 1974م صعدت إليها مع الشاعر المرحوم عبدالرحمن محمد قاضي الذي تحسر كثيرا لأن مياه العين قلت ثلاثة أرباع ما كانت عليه بعدها سمعت أنها جفت شأنها شأن بقية الينابيع في المناطق المحيطة بصنعاء وكان الجفاف وعدم هطول الأمطار سببا مباشرا للنضوب ما يحز في النفس أن وضع الجبل في نطاق الاستراتيجية الأمنية كان الكارثة الكبرى ثقافة العسكرة سرقت الفرحة من الناس عدم السماح للبشر بالصعود للجبل والتنزه فيه حول مغاراته إلى مدافن للموت وبدت الكارثة أكبر عندما وصل البناء إلى المساحات المحيطة به فكرة المواقع العسكرية وخطورة الاقتراب حال دون تخطيط المنطقة على أساس سليم تم إخفاء المخططات التي وضعتها إحدى الشركات الهندسية الفرنسية في زمن الرئيس الشهيد المرحوم إبراهيم الحمدي التي كان فندق شيراتون أولى معالمها عدم استكمال المخططات يؤكد ما سبقت الإشارة إليه حول المشاهد العبثية التي تنفذها إرادات بشرية وتسعى إلى إفساد كل شيء جميل كما حدث في تباب ظهر حمير الواقعة أسفل الجبل عندما تم اقتلاع الأشجار والسماح للمتنفذين بالسطو على الأراضي المحيطة بفندق شيراتون من كل الاتجاهات وهي صورة مريبة تدل على ضحالة بعض النفوس وعدائها المطلق للجمال.
من خلال التقلبات التي مرت على جبل نقم نستدل على ثبات وصلابة ذاكرة الأماكن لأنها تدون كل شيء دون أن تتأثر أو تستكين ولعل هذا هو ما دفع الشاعر القاضي عبدالرحمن يحيى الآنسي إلى أن يخاطب نقم كشاهد حال إذ يقول:
صاح هذا اتجاهك جبل صنعاء فقل
يا نقم قد سبق وقتك أوقات
وأنت دائم تطيل النظر مشرف مطل
فوق أبيات الأحياء والأموات
عندك أخبار عجيبة تعلم من جهل
هات بالله عليك وا نقم هات
كم ملكا قد رأيته بملكه مستقل
شاهر السيف ماضي الإشارات
في قصور شامخة بالعلالي الزاهرة
بيض ما بين خضر البساتين
رافله في حجرها البدور الساحرة
في الحلا والحلل والتحاسين
والمواكب إلى الباب تصبح سايرة
فتضيق فسيح الميادين
وهناك قصائد لشعراء كبار خاطبت جبل نقم باعتباره رمزا للثبات وشاهد حال على كل ما يجري من أهوال وأفراح وأتراح على مر العصور.

تنويهات
منذ نشرت اللقطة الموجزة عن بسر بن أرطأة وقصة الطفلين الشهيدين لم تتوقف الاتصالات تطلب التفصيل أكثر عن الموضوع لما اتسم به من بشاعة هزت المشاعر لدى القراء فكيف بمن عاصروا الحادثة.. إذ تقول الروايات أن أم الطفلين أصيبت بالجنون وكانت تطوف الشوارع وهي ترددها: من أحس بأبني اللذين هما كالدرتين حظا عنهما الشطفز.
الكلام أثار مشاعر أحد اليمنيين فاصطنع حيلة توصله إلى ابني بسر فقتلهما وخاطب الأب شعرا ختمه بقوله:
فاشرب بكأسهما كما شربت
أم الصبيين أو ذاق ابن عباس
أما كيف تمت تنحية بسر عن ولاية اليمن فتقول المصادر أن الفارسة اليمنية سودة ب

قد يعجبك ايضا