ردود الأفعال الغاضبة التي لا تليق شرعا وعرفا

محمد حمود الخولاني

 - 
ما حدث يوم الخميس الماضي من اقتحام للسفارة الأمريكية والعبث بمحتوياتها ونهبها وإشعال النيران فيها ليعبر عن حماقة وانحطاط من الناحية الدينية والأخلاقية والإنسانية.
محمد حمود الخولاني –

ما حدث يوم الخميس الماضي من اقتحام للسفارة الأمريكية والعبث بمحتوياتها ونهبها وإشعال النيران فيها ليعبر عن حماقة وانحطاط من الناحية الدينية والأخلاقية والإنسانية.
والحقيقة أن هذا التصرف الهمجي لايسيء لعقيدتنا ومثلنا لكنه يسيء إلى من قام بهذا التصرف الغريب والغوغائي الخسيس الذي لا تقره شريعتنا وأخلاقنا وأن هذا التخريب المتعمد لم يكن عفويا ولكنه كان مدبرا ومبرمجا وذلك لإلقاء اللوم والمسئولية على الوضع الجديد وإحراجه وإدخال البلاد في فوضى عارمة وفتح الباب لتدخل القوى الأجنبية وهذا لا يعني أن يمنع الناس من التصدي لمن يعتدي ويسيء إلى عقائدهم ومقدساتهم والتعبير عن شعورهم بصورة حضارية وأخلاقية لكي نتمكن من تحميل الحدة والمسئولية على الجانب المسيء ولإفشال المخطط الرامي من وراء هذه العملية الإجرامية واللاأخلاقية.
والدليل على أن عملية الاقتحام كانت مبرمجة وقيام رجال الأمن حول السفارة بالسماح للمحتجين بالدخول للسفارة وهذا التواطؤ الأمني يؤكد على التنسيق المسبق حتى ولو بالإشارة.
والحقيقة أن أمريكا والغرب تحملان المسئولية في ما يحدث في البلاد العربية والإسلامية من قلاقل ونزاعات وتصدعات وعدم استقرار وذلك من خلال استقلالها لمراكز القوى المحلية المتصارعة ويبدو لي أن الفيلم المسيء للرسول المصطفى والذي قام بإعداده وإخراجه مجموعة من اليهود والصليبيين هو بمثابة جس النبض لردود أفعال الأنظمة الجديدة وشعوب المعمورة وإثارة الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة – مع العلم أن حدوث هذه الظاهرة لم يكن غريبا فقد حدثت بصورة متكررة ومن أوساط شتى- (وما تخفي صدورهم أعظم)..
والمطلوب من هذه الشعوب أن تكون على درجة عالية من الوعي الحضاري والديني والأخلاقي في مواجهة الآخر لتأخذ حقها بالطرق المشروعة بدلا من استخدام وسائل العنف والنهب والتخريب وتعريض البلدان لعدم الاستقرار والانجرار وراء التيارات المضللة وألا تستجيب لأي استفزازات من شأنها أن تؤدي إلى عواقب وخيمة وإذا كان المطلوب من الإدارة الأمريكية هو الاعتذار للشعوب العربية والإسلامية فإن مجال الاعتذار الرسمي ميؤوس منه ولا يبدو أن تقوم به الإدارة الأمريكية لسببين هما:
1- أن رد الفعل الذي قام به المحتجون كان أسوأ وأقسى من الحدث نفسه وخاصة ماحصل في بني غازي وقتل السفير الأمريكي ومعاونيه وكذا ما حصل في صنعاء وبلدان أخرى.
2- أن الرئيس الأمريكي «أوباما» قادم على انتخابات ويرشح نفسه لرئاسة ثانية والمعروف أن الفوز في أمريكا والغرب يتوقف على مدى موافقة اللوبي الصهيوني الصليبي المهيمن على مراكز إصدار القرار وعلى المؤسسات السيادية –فالرئيس الأمريكي لا يقدم ولا يؤخر إلا وفق ما تملي عليه مراكز القوى المتحكمة في صنع القرار فلا تنتظروا الاعتذار وليس في قوانينهم «البادئ أظلم» .. وأرى أنه يكفي ما نحن فيه من تمزق وانحطاط وتخلف في شتى المجالات ومن الأجدر لنا أن نصحح أخطاءنا وأن نستقي سلوكياتنا وأخلاقنا ومعاملاتنا من عقيدتنا الإسلامية وسنة نبينا عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام.
وقد وصف الله نبينا محمد في محكم كتابه فقال: (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) .. ويبدو لي أن هذه الفتن والأحداث المتسارعة في العالم العربي والإسلامي بشكل خاص وفي العالم بصورة عامة أنها مقدمة أو مخاض لمولود جديد يبزغ في الأفق وأنا أتوقع في هذا القرن إفراز أحداث كبرى قد لا يتصورها أو يتوقعها الكثير من البشر.
والحقيقة أن الأوضاع البشرية تدعو إلى الاشمئزاز وعدم الاطمئنان نسأل الله أن يعيد لهذه الأمة وحدتها ومجدها وعزها وأن يسودها التآخي والمحبة والتآلف والأمن والاستقرار والله حسبي ونعم الوكيل.

قد يعجبك ايضا