أسطوانة الكهرباء المشروخة

د. محمد علي بركات

 - أسطوانة مشروخة أصابت اليمنيين بالملل والإحباط جراء تكرارها وتكريس إعلانها عبر كافة وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية بشكل مباشر .. فكلما انقطع التيار الكهربائي عن خلق الله سواء في العاصمة صنعاء أو في الحديدة أو في عدن أو غيرها من محافظات الجمهورية تم تشغيل تلك الأسطوانة :
د. محمد علي بركات –
أسطوانة مشروخة أصابت اليمنيين بالملل والإحباط جراء تكرارها وتكريس إعلانها عبر كافة وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية بشكل مباشر .. فكلما انقطع التيار الكهربائي عن خلق الله سواء في العاصمة صنعاء أو في الحديدة أو في عدن أو غيرها من محافظات الجمهورية تم تشغيل تلك الأسطوانة : ( خرجت محطة مأرب الغازية عن الخدمة ) جراء اعتداء غادر .. وبعد أن يجرع المواطنون عذاب الظلام ليلا وانقطاع الماء وتعطل المصالح وعذاب ارتفاع حرارة الطقس نهارا وليلا خصوصا في المحافظات الساحلية حيث يكتوي سكانها بنار شدة الحرارة التي تصيب حياة الجميع بالشلل نتيجة انقطاع الكهرباء المتكرر .. بعد تلك المعاناة يستأنف تشغيل الأسـطوانة المشروخة إياها : (عادت محطة مأرب الغازية إلى الخدمة ) وتعود للعمل لفترة وجيزة ثم تخرج مرة أخرى وتظل داخلة خارجة ليسـتمر عرض هذا السـيناريو السـاخر ..
وقد توالت الأيام والشهور ثم السنون والمواطن اليمني ذو الحظ العاثر يعاني تبعات اللعنة التي حلت على الكهرباء في اليمن غير السـعيد وغير المستقر .. وتكاد المعاناة لا تنتهي نتيجة لاستمرار ظاهرة انقطاع التيار الكهربائي دائم التعثر .. حيث أصبحت بالفعل كابوسا يؤرق حياة المواطن وينغص عليه معيشته دون أمل في النجاة من هذا العبث والفعل الآثم الماكر ..
صحيح أن هناك بارقة أمل لاحت له في الأفق عند تشكيل حكومة الوفاق جعله يعتقد بأنه يمكن عودة النور ليعم كل شبر من أرض اليمن الطيبة وتنتهي معاناته التي طال أمدها بعد أن ذاق مختلف أشكال المنغصات والمخاطر .. لكنه اتضح أن تلك كانت أحلام يقظة وأن ذلك الأمل ليس سوى سراب بقيعة فما يزال الظلام حالك السـواد هو السـمة البارزة في حياة المواطن الذي يتجرع المر .. وما تزال ضحايا انقطاع التيار الكهربائي من الأطفال والرضع الذين يرقدون في حضانات المستشفيات وكذلك كبار السن ومرضى الكلى وحتى جثث الموتى لم تسلم من الضرر إلى أن تنقل إلى المقابر ..
وما تزال الضحايا تسقط بين الحين والآخر .. وستظل أرواحهم شاهدة على ذلك الفعل الآثم الفاجر .. وما تزال الأجهزة المنزلية الموجودة بمنازل المواطنين المغلوبين على أمرهم تتعرض للتلف المستعجل وذلك يضاعف من معاناتهم جراء ما يسببه لهم من الخسائر .. وما تزال مصالح وأعمال الناس التي ترتبط معظمها إن لم تكن جميعها بوجود التيار الكهربائي معطلة بنسبة 99% من الوقت الذي يهدر ..
الأطفال والشباب من الطلاب جيل المستقبل يعيشون ليالي مظلمة حالكة السواد خلال فترة الاختبارات ولم تعد أسرهم قادرة على مواجهة أعباء ثمن الشمع و(الفوانيس) وبطارياتها التي تتلف معظم تلك (الفوانيس) لرداءة صناعتها والمواطن البسيط هو الخاسر .. والسبب أنه لا ضابط ولا رقيب على استيراد أي من تلك السلع الرديئة التي تملأ أرصفة الشوارع والمتاجر .. ذلك عرض موجز لجانب من معاناة اليمنيين اليومية .. في ظل استمرار الليالي المظلمة واسـتمرار الخسائر البشرية والمادية ..
أما التجارة التي ازدهرت واستثمرت معاناة أبناء اليمن وهمهم الثقيل جراء انقطاع التيار الكهربائي المستمر .. هي تجارة الشمع والفوانيس والبطاريات و(الهبرة) الأكبر هي تجارة المولدات الكهربائية مختلفة الأنواع والأحجام والألوان ومعظمها رديئة الصناعة حيث لا تصمد عند استخدامها أكثر من أسبوع أو أسبوعين في أحسن الأحوال ثم تصاب بأنفلونزا البقر .. وتحال فورا إلى ورش اللا إصلاح التي ملأت الشوارع بعد تدفق المولدات واستيرادها دون حساب في ظل استمرار العتمة .. وخروج محطة مأرب عن الخدمة ..
وأضرار وسائل الإنارة التعسة تلك عديدة فقد تسببت في انتشار التلوث البيئي في المنازل وفي الشوارع إضافة إلى الإزعاج طوال فترة تشغيلها سواء بالليل أو بالنهار في القرى أو في الحواضر .. وهكذا تمتلئ المنازل والشـوارع بعوادم تلك المولدات التي تعرض كافة أفراد المجتمع للمرض والضرر .. وأحيانا تعرضهم للموت فبعضها كان بالفعل سببا في وفاة عدد من الأسر ..
تضاف إلى تلك الأضرار أعباء شرائها وتحمل تكاليف وقودها والتزاحم على توفيره بمحطات البترول أو الديزل إضافة إلى تكاليف إصلاحها المتكرر بشكل مستمر .. تلك بالفعل معاناة وأضرار مركبة وسلسلة من الأعباء لها أول وليس لها آخر ..
فمتى سينجو أبناء اليمن من لعنة الإظلام المتعمد التي تطاردهم في المنازل وفي الشوارع والمستشفيات وفي مقار العمل وتوفير ل

قد يعجبك ايضا