الواقع والأسطورة (9)

أحمد يحيى الديلمي

 - الفن ومقايل صنعاء
قبل الحديث عن مقايل صنعاء هناك استفسارات هامة تبعث في نفسي الاستغراب والدهشة ولم اهتد إلى إجابة مقنعة عنها ولم أقتنع ببعض الإجابات التي سمعتها
أحمد يحيى الديلمي –
الفن ومقايل صنعاء
قبل الحديث عن مقايل صنعاء هناك استفسارات هامة تبعث في نفسي الاستغراب والدهشة ولم اهتد إلى إجابة مقنعة عنها ولم أقتنع ببعض الإجابات التي سمعتها من الآخرين على مدى سنوات طويلة لم أجد تفسيرا مقنعا للتناقض الكبير في المواقف والفتاوى التي صدرت عن علماء كبار وتمحورت حول تحريم الغناء ومنعه باعتباره فعلا شينا يتعارض مع أحكام الدين.
وبين سلوك نفس العلماء أو غيرهم ومواقفهم العملية تجاه الأمر ذاته إذ تؤكد الحقائق الماثلة في الواقع أن غرر القصائد اليمنية الغزلية المغناة صدرت عن علماء كبار وكلها قصائد مشهورة كانت العوامل التي خلدت فن الغناء الصنعاني واليمن بشكل عام وبتنا نسمعها من غنائيين في منطقة الجزيرة والخليج وفي الدول العربية بشكل عام فلقد جادت بها قريحة كبار العلماء والفقهاء من أصحاب البحوث والمصنفات الفقهية الشهيرة ما يثير الاستغراب أكثر أن هذه القصائد لحنت في زمن العلماء ولم يعترضوا على من لحنوها وهو ما منحها قوة الانتشار وأصبحت من أهم مكونات التراث اليمني.
في هذا الجانب لا يمكن لأي باحث أن يتخيل الموروث التراثي الفني من دون قصائد.
ابن المقري – فائع.
ابن إسحاق – الأمير.
محمد عبدالله شرف الدين – القاضي علي العنسي.
القاضي أحمد الآنسي – ابنه عبدالرحمن.
الخفنجي – القاره – موسى بهران.
وآخرون كثير كلهم علماء وقامات فقيه مع ذلك أبدعوا في الغزل وشكلوا قاعدة الفلكلور التراثي الفني المغنى.
ولا يمكن أن يتحدث عن الموشحات والابتهالات والقصائد الدينية دون التطرق إلى إبداعات.
عبدالرحيم البرعي – جابر رزق
أحمد بن علوان – البريهي
وآخرون من اليمنيين الذين نهجوا نفس المنهج الإجابة الوحيدة التي كانت شبه مقنعة في التفسير الذي استمعت من العلامة الرباني الكبير مفتي اليمن الأسبق المرحوم أحمد محمد زيارة حيث قال:
الفن من حيث كونه فنا غريزة فطرية أوجدها الله في الإنسان وهو سبحانه لم يخلق شيئا عبثا والفن لذاته ليس محرما إنما يبلغ مرحلة الكراهة لما يسببه من اختلاط بين الرجال والنساء وما يترتب على هذا الاختلاط من أعمال ماجنة قد تدفع إلى ارتكاب بعض المحرمات وهذا هو النموذج المحرم وغير المرغوب.
نفس الإجابة وردت على لسان العلامة المعروف المرحون القاضي عبدالله عبدالوهاب الشماحي وأضاف لتأكيد المشروعية بأن الله باهى بصوت نبي الله داود عليه السلام وأمر الجبال والطيور بأن تردد معه.
تفاصيل الساعة السليمانية
لعب القات دورا في تشكيل حياتهم وتحديد الاهتمامات وتطبيع الرغبات وتطويع الإرادات في مدينة صنعاء بالذات حضر القات بقوة تكييف شكل المباني والتأثير على مواصفات البناء والتدرج في فتحات النوافذ بحيث تتميز نوافذ آخر طابق بالاتساع لأن هذا الطابق في الغالب يشتمل على مجلس المقيل أي أن القات فرض مبدأ الاتساع الرأسي للبناء بينما اشتهرت بعض المنازل بما يسمى الطيرمانات وهي غرفة صغيرة يتم بناؤها في سطع المنزل لتسمح بالسيطرة وطول النظر إلى آفاق بعيدة.
أما منازل كبار المسئولين والتجار فإنها تشتهر إلى جانب الطيرمانة بوجود ما يسمى بالمقرج وهي غرفة تقام إلى جوار المنزل وتخصص للمقيل فقط وتطل على بركة صغيرة بها نافورة كانت تسمى الشذروان لأن انسياب المياه من النافورة يضفي على المقيل نكهة خاصة لما يمثله منظر المياه من جمال يهدي النفوس ويرطب الأعصاب.
ما كان يميز تعاطي القات في الماضي أنه كان يمنع على الشباب وصغار السن من التعاطي ومن يخالف هذه القاعدة من المستويات العمرية الدنيا يعتبر شاذا وغير سوي هذا العامل جعل الحضور في كل مقيل من نوعي يوافق الطقوس التي ارتبطت بالمقيل بشكل عام إذ لا يخلو مقيل علماء دين أو شعراء أو تجار أو منشد وأحيانا فنان.
طبيعة الحضور التي أسلفنا كانت الأساس الذي ساعد على تقسيم زمن المقيل وتحويله إلى برنامج شبه يومي على النحو التالي:
الساعة الأولى خليط من المزاح وتبادل النكات والأخبار إن وجدت.
القراءة في كتاب فقهي أو أدبي وفتح المجال لنقاش الموضوع الذي تم قراءته لاختيار معدلات الإدراك والفهم لدى الحضور لتوسيع نطاق المعرفة وزيادة معدلات الفهم يلي النقاش فاصل بالاستماع إلى منشد لا يشترط أن يكون متمرسا المهم أن يكون حافظا للقصائد وصوته جميل وإذا وجد شاعر يدلي بدلوه يقرأ قصيدة له أو من محفوظاته.
المهم أن الفاصل يستمر حتى أذان المغرب البعض يغادر لأداء الصلاة في الجامع وآخرون يؤدون صلاة المغرب في نفس المكان ثم يعود ك

قد يعجبك ايضا