حمى الضنك.. ناقله بعوض يهاجم الإنسان نهارا

د. أحمد علي قائد


د. أحمد علي قائد –
ولا يجد بدا في التخلص من إطارات السيارات والعلب الفارغة على أسطح المنازل وفي أفنيتها أو بجوارها والتي تغمر بالماء في موسم الأمطار مشكلة مصادر أخرى لعيش وتكاثر البعوض.
نفسح المجال للدكتور /أحمد علي قائد- استشاري الأمراض الوبائية والحميات(أستاذ الوبائيات المشارك بكلية الطب – جامعة ذمار) للحديث عن هذا المرض الخطير وظروف انتشاره وما يمكن إتباعه في رمضان من أساليب تقي الإصابة به مع بيان الإرشادات الصحية الوقائية والغذائية المفيدة للمرضى المصابين فإلى ما أورده وذكره في هذا الشأن:
حمى الضنك مرض دخيل على البلاد ولم تكن اليمن في الماضي تشهد إصابات بأي من أنواعه.
وهذا الداء بما في ذلك حمى الضنك النزفية من الحميات الحادة التي تستوطن المناطق المدارية يسببها(4(أنماط فيروسية مصلية متقاربة من جنس الفيروس المصفر(flavivirus) المنتمي إلى عائلة الفيروسات الخيطية.
والناقل لهذه الفيروسات المسببة للمرض بعوضة (آييدس إجيبتاي – Aedes aegypti) وهي بعوضة منزلية تعرف في الأوساط باسم (الزاعجة المصرية) وتشكل النوع الوحيد المنتشر في مناطق متفرقة من اليمن.
هناك بعوضة أخرى تنقل المرض ولكن بشكل نادر تدعى (آييدس ألبوبيكتس- Aedes albopictus).
علما بأن نوعي البعوض لا ينقلا المرض ولا يتغذيا على دم الإنسان إلا خلال ساعات النهار.
وعلى كل حال لا يمكن انتقال حمى الضنك إلا من خلال البعوض فقط أو من خلال نقل دم أو أي من مشتقاته من شخص مصاب بالمرض إلى آخر سليم.
وبحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية حوالي(50 مليون) إصابة بحمى الضنك تحدث سنويا في العالم وما يقارب(2,5 مليار) شخص يعيشون في بلدان موبوءة بهذا الداء وهي حاليا تستوطن أكثر من(100) بلد.
إن أصل كلمة « الضنك» غير واضح تماما لكن ثمة فرضية تقول: إنها مشتقة من اللغة السواحلية (لغة سواحل أفريقيا الشرقية) وهي «Ka-dinga pepo» ناسبة المرض إلى الروح الشريرة ويرجح أن الكلمة السواحلية «dinga « أشتقت من الكلمة الإسبانية «dengue» أو العكس وتعني بالإسبانية حساس أو متحفظ يصعب إرضاؤه وهذا أقرب وصف للمصاب بحمى الضنك.
كما عرفت – كذلك- بحمى المتأنق الغندور « Dandy Fever» في وصف لمشية العبيد المصابين بالمرض غرب الهند إبان انتشار العبودية في الماضي.
وباستعراض سريع لتاريخ هذا المرض يمكن القول بأن أول حالة إصابة مؤكدة تعود إلى أكثر من قرنين وتحديدا إلى العام 1789م وقد وصفها «بنيامين رش» بحمى تكسر العظم بسبب آلام العضلات والمفاصل المصاحبة لها بينما لم يكشف سببها الفيروسي وانتقالها بواسطة البعوض إلا في القرن العشرين.
كما ظهرت أول أوبئة للضنك في ثمانينات القرن الثامن عشر الميلادي بعد اكتشاف وتسمية المرض بفترة قصيرة في كل من آسيا وأفريقيا وأمريكا الشمالية.
وفي خمسينات القرن العشرين حصلت جائحة أخرى للمرض في الجنوب الشرقي من قارة آسيا ثم بحلول عام 1975م باتت حمى الضنك النزفية فيها سببا رئيسيا لموت الأطفال.
أما في إقليم الشرق الأوسط وتحديدا في مصر تم توثيق حالات تفشي حمى الضنك في وقت مبكر من العام 1799م ثم أخذت حالات تفشى المرض في التزايد.
كما ظهرت لهذا الداء تفشيات في كل من السودان في عام 1985م بنمطي المرض(1 و 2) ثم في جيبوتي عام 1991م بالنمط (2) وفي باكستان في عامي (1994م و 2008م ) ففيها تفشى النوع النزفي الأخطر بين أنواع حمى الضنك وفي المملكة العربية السعودية خلال الفترة من (1993م – 1994م) ثم ما بين (2005م-2006م).
كما تأثرت اليمن بموجة تفشي المرض مع زيادة الانتشار الجغرافي للوباء وبدت معالم المشكلة تتضح فيها منذ عام 2004م لدى زيادة عدد حالات الإصابة.
وعلى خلاف الملاريا تسود حمى الضنك في المناطق الحضرية والريفية على السواء.
ولاختلاف الأنماط المصلية للداء(أنواع المرض)عن بعضها البعض فهذا لا يعطي حماية شاملة مشتركة ولا يمنع حدوث وباء أو جائحة ناتجة عن عدة أنماط مصلية.

تتميز أعرض مرض حمى الضنك ببداية مفاجئة يشكو خلالها المريض من صداع حاد مع آلام شديدة في المفاصل والعضلات وحمى وطفح جلدي ويمكن أن يصحب الأعراض التهاب في المعدة يظهر بمزيج من ألم بالبطن وغثيان وتقيؤ أو إسهال ولكن ليس وارد في كل الحالات فالبعض يظهر لديه المرض مع أعراض أخف.
ومسار الحمى الناتجة عن هذا الداء تمتد تقريبا من(6-7)أيام ثم تبدو أخف في النهاية المتأخرة للإصابة لذلك يوصف بالنمط ثنائي الوجه.
أما سريريا فينخفض عدد الصفائح الدموية حتى تعود حرارة المريض إلى المستوى الطبيعي بينما في حالة الإصابة بحمى الضنك النزفية يظهر ارتفاع أكبر

قد يعجبك ايضا