الدين وخطورة التوظيف النفعــي!

أحمد يحيى الديلمي

 - وفق التوصيف الطبيعي للناس والحياة تحدث العلماء عن انقسام البشر إلى نوعين:
الإنسان السوي من يكون عقله سليما وروحه سامية يتقن استخدام العقل الذي اختصه به الخالق سبحانه وتعالى يميزه عن سائر المخلوقات قدرته على التعامل مع هذا العضو الهام صقل تفكيره ومده بإحساس مرهف
أحمد يحيى الديلمي –

وفق التوصيف الطبيعي للناس والحياة تحدث العلماء عن انقسام البشر إلى نوعين:
الإنسان السوي من يكون عقله سليما وروحه سامية يتقن استخدام العقل الذي اختصه به الخالق سبحانه وتعالى يميزه عن سائر المخلوقات قدرته على التعامل مع هذا العضو الهام صقل تفكيره ومده بإحساس مرهف

وضمير حي وتشكل بداخله جوهر نقي دله على طبيعة علاقته بالناس والحياة فأضفى عليها ما يشبه القداسة التي دفعته إلى الاهتمام بالآخرين ورعاية مصالحهم وجعلته يميل إلى الشراكة والفعل الجماعي.
هذا النوع من البشر يصعب استغفاله أو تجهيله أو التظليل عليه الثقة بالنفس جعلته ينزع إلى الحرية ويستطيع التمييز بين الحق والباطل.
بالمقابل يوجد الإنسان غير السوي المجرد من المشاعر والأحاسيس النبيلة والصفات الإنسانية يفقد التوازن ويضطرب سلوكه نتيجة الجهل وقصور الفهم تهتز ثقته بنفسه ويتمدد بداخله إحساس مروع بالنقص

فيجسد في حياته مشهدا يهمي خاليا من المعاني السامية ويصبح وجوده عبئا على الحياة إذا وقف على عتبة الطموح والتطلعات الذاتية أول شيء يفكر فيه كيف يتجاوز الإحساس بالنقص ينزلق إلى دهاليز عالم

بشع يتعارض مع جوهر الحياة النقي ويتعارض مع فطرة الخلق الطبيعية.
عقدة مركب النقص تدفعه إلى جنون العظمة والأنا وحب الذات لا يفكر إلا في المصلحة بأفقها الذات لا يعبأ بمشاعر وحريات وحقوق الآخرين. بالذات عندما يفقد الروح المعنوية ويتنكر لصيغ العلاقة مع الآخرين

المشهد المجسد للصورتين ماثل في الحياة العامة ولا يحتاج إلى جهد أو تعب للاستدلال عليه.
ما يثير الريبة ويبعث على التشاؤم أن المشهد ذاته يرافق حياة الإنسان في كل الأزمنة والعصور.
منذ خلق الله الإنسان واستخلفه في الأرض والسيناريوهات نفسها تتكرر لم تخلو منها حتى الأزمنة التي تتابع فيها الأنبياء والرسل عليهم السلام.
فكرة الأفضلية والتميز ومن الأجدر والمؤهل لحكم الآخر كانت سبب أول جريمة في التاريخ الإنساني على أساسها أقدم قابيل على قتل أخيه هابيل كما كانت سبب رفض الأنبياء والرسل عليهم السلام ومواجهة

دعواتهم بالتكذيب والسخرية والجحود والصد قال تعالى على لسان قوم نبي الله نوح عليه السلام (ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة من السماء ماسمعنا بهذا في آبائنا الأولين)

الحج – أية.
وهناك آيات عديدة وردت بنفس المضمون ودلت على قصور فهم الإنسان وعجزه عن فهم معنى الغيب وإدراك المبهمات وكل ما هو فوق المدركات والمحسوسات للأسف نفس المفاهيم فرضت نفسها على واقع

المسلمين وإن بشكل آخر سعى إلى تهميش روح الدين وأحكام الشريعة واختزالها في لائحة المحرمات والطقوس العبادية فيما أثارت الكثير من الشكوك وعلامات الاستفهام حول الدين وعلى وجه الخصوص فقه

المعاملات وكل ما يتصل بإدارة شئون وتنظيم علاقة البشر ببعضهم وهو ما جعل النموذج الثاني يفرض وجوده وقوة حضوره في كل جنبات التاريخ الإسلامي باستثناء مراحل زمنية محدودة كان للنموذج الأول

حضور فيها إلا أنها كانت قصيرة لم تؤثر كثيرا في الواقع.
للأسف بعض العلماء انحازوا إلى المصلحة الذاتية بمفهومها الضيق فأعطوا المشروعية لإنسان لأن يتولى زمام أمر الأمة أو شأنا من شئونها وهو يفتقر إلى الكفاءة وأبسط مقومات الأهلية.
فكان وجوده كارثة معضلة الإحساس بالنقص دفعته إلى ارتكاب أبشع الجرائم بدم بارد وضمير ميت ونفس مطمئنة استنادا إلى صكوك البراءة الممنوحة من علماء الدين.
بينما علماء الدين استهانوا بالمنهج وانزلقوا به إلى دهاليز التوظيف النفعي لتحقيق غابات أقلها خطورة الاستئثار وفرض قوة الحضور ما آثار الرهبة والدهشة معا التوجه الذي تم في مرحلة لاحقة عندما امتدت الفكرة

إلى مستويات متدنية باستغلال الجمال ومن تقطعت بهم السبل أو عاشوا فترة انقطاع عن الدين.. ما يثير الاستغراب أن العملية ارتهنت إلى التجييش العشوائي وكان من أهم مرتكزاتها استهداف المسلم الآخر

بالتشكيك في مضمونه الاعتقادي واعتباره عدوا متربصا بالدين أو بالجماعة وكل فرد فيها.. هذا التوجيه كان أساس تراكم الخلل المنهجي في ذات نفس الأفراد ومن خلال النصوص المحرفة التي أعطت مشروعية

قد يعجبك ايضا