الواقع والأسطورة (8)

أحمد يحيى الديلمي

 - صنعاء محراب الفن
‮{ ‬للفن في‮ ‬صنعاء وقار خاص‮ ‬يأبى حياء المدينة أن‮ ‬يدنس إيقاعاته‮ ‬لأن وظيفته إحياء الروح وإنعاش الذاكرة‮ ‬ولم تكن مجالسه بحاجة إلى المضايقة والحملات
أحمد يحيى الديلمي –
صنعاء محراب الفن
‮{ ‬للفن في‮ ‬صنعاء وقار خاص‮ ‬يأبى حياء المدينة أن‮ ‬يدنس إيقاعاته‮ ‬لأن وظيفته إحياء الروح وإنعاش الذاكرة‮ ‬ولم تكن مجالسه بحاجة إلى المضايقة والحملات العدائية‮ ‬لأن الهواية والرغبة في‮ ‬الترويح عن النفس هي‮ ‬وحدها منú‮ ‬كانت تدفع الناس إلى التجمع‮ ‬مثل هذه الإجراءات المتشددة كانت سبب حرمان‮ ‬غالبية أبناء المدينة من الفن‮ ‬لأن التجمعات كانت تقتصر على أبناء وأقارب الإمام وكبار الموظفين بما في‮ ‬ذلك أبناء العلماء والقضاة وكبار التجار‮ ‬أي‮ ‬أن اللقاءات السرية كانت تقتصر على أبناء الأسر الارستقراطية المترفة‮.‬
في‮ ‬هذا الصدد قال القاضي‮ ‬المرحوم علي‮ ‬عبدالله العمري‮ ‬ابن وزير الإمام‮ ‬يحيى‮ ‬وهو منصب‮ ‬يوازي‮ ‬مقام رئىس الوزراء ومن أبرز أبنائه المؤرخ والمفكر المعروف حسين عبدالله العمري‮ – ‬أطال الله عمره‮ – ‬قال القاضي‮ ‬علي‮ – ‬رحمه الله‮ – : ‬حب الفن والوله به ميزة فطرية وجدت في‮ ‬الإنسان شأنها شأن بقية الغرائز‮ ‬لهذا كان من قبلنا قبل وجود الآلات‮ ‬يبتكرون آلات تطرب وتشنف الآذان‮.‬

الإنشاد وسيلة للتعويض
‮{ ‬عرف أهل صنعاء فن الإنشاد وتعلقوا به لا كمهنة ومصدر للرزق كما هو الحال اليوم كهواية عشقها الكثيرون من أصحاب الأصوات الجميلة‮ ‬فكان لا‮ ‬يخلو مقيل في‮ ‬صنعاء من منشد‮ ‬يتغنى بقصائد الشعر‮ ‬وهذا النوع من الفن كان‮ ‬يمزج بين الابتهالات ومدح الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وبين الموشحات وقصائد الغزل‮ ‬وفي‮ ‬أيامنا عرفنا من عمالقة هذا النمط من الفن‮ : »‬محمد النعماني‮ ‬أحمد موسى‮ ‬محمد قاضي‮ ‬عبدالرحمن الحليلي‮ ‬الخولاني‮« ‬وغيرهم ممن كانوا‮ ‬يحبون الأعراس والمآتم ويقرأون الموالد‮ ‬أما الإنشاد لذاته بقصد الترويح عن النفس فكان شبه هواية عامة‮.‬
وأضاف القاضي‮ ‬العمري‮ – ‬رحمه الله‮ – ‬كما‮ ‬يقال‮ : »‬الحاجة أم الاختراع‮«‬‮ ‬فقد تطورت العملية باستخدام الصحن المعدني‮ ‬وسيلة للتنغيم‮ ‬وكان من أبرز منú‮ ‬يتعاطون مع هذا النوع‮ ‬اليتيم وأحمد عشيش وآخرون‮ ‬ومن خلال هذه الوسيلة استطاع المرحوم اليتيم أن‮ ‬يلحن‮ ‬غرر القصائد وابتكر‮ – ‬أيضا‮ – ‬السلام الجمهوري‮ ‬عقب الثورة السبتمبرية المباركة‮ ‬وهو السلام القديم الذي‮ ‬تم استبداله في‮ ‬ما بعد إبان التشطير بنشيد‮ »‬في‮ ‬ظل راية ثورتي‮«‬‮ ‬كلمات الأستاذ أحمد العماري‮ ‬وتلحين فنان اليمن المرحوم علي‮ ‬بن علي‮ ‬الآنسي‮.‬
وبعد إعادة تحقيق الوحدة المباركة تم استبداله بالنشيد الحالي‮ »‬رددي‮ ‬أيتها الدنيا نشيدي‮«‬‮ ‬كلمات الشاعر الكبير عبدالله عبدالوهاب نعمان‮ – ‬رحمه الله‮ – ‬وألحان الفنان القدير أيوب طارش‮ »‬الحقيقة أن أول منú‮ ‬اختار النشيد واللحن‮ ‬الرئيس الشهيد إبراهيم محمد الحمدي‮ – ‬رحمه الله‮ – ‬وكان قد اتفق عليه مع الرئيس سالم ربيع علي‮ – ‬رحمه الله‮ – ‬إلا أن حادثة الاغتيال الإجرامي‮ ‬أحبطت الحلم الجميل عشية موعد نزول الشهيد الحمدي‮ ‬إلى عدن‮«.‬
التعليق بين القوسين لي&#82

قد يعجبك ايضا