الصيدلة والدواء وغياب الرقابة

د محمد علي بركات

 - مهنة الصيدلة وبعض شؤونها  تمثل  أهمية بالغة في حياة بني البشر من كافة الأعمار .. وهناك خطورة كبيرة لظاهرة العبث والفوضى التي عمت سوق الأدوية  وما سببته من أضرار  صحية ل
د/ محمد علي بركات –
مهنة الصيدلة وبعض شؤونها تمثل أهمية بالغة في حياة بني البشر من كافة الأعمار .. وهناك خطورة كبيرة لظاهرة العبث والفوضى التي عمت سوق الأدوية وما سببته من أضرار صحية لها أسوأ الآثار .. وذلك نتيجة لعوامل عدة جميعها تعود على المواطن بالضرر في صحته وعياله وماله .. ومن جملة تلك الأضرار ما يتعرض له أي مريض من أخطار صحية جراء تحمله لأخطاء غير المتخصصين وصغار السن العاملين بمهنة الصيدلة .. وكذلك ما يسببه سوء نقل الأدوية وتخزينها في مخازن شركات الأدوية وفي الصيدليات من كوارث ناتجة عن فساد الأدوية وتحول بعضها إلى سموم قد تقضي على حياة الإنسان دون سابق إنذار ..
يضاف إلى ذلك تعدد مصادر استيراد وتصنيع الأدوية الموجودة بالصيدليات بما في ذلك الأدوية المصنعة محليا والمستوردة سواء بالطرق القانونية أو بالطرق الملتوية التي يعلمها الأشرار ذوو الأفكار .. الأمر الذي أوجد تفاوتا في مستويات جودة تلك الأدوية وعدم توافقها مع مواصفات التركيب الدولية نتيجة لعدم التزام عدد من شركات الدواء بمعايير الجودة مما يسبب لمن يتناولها العديد من الأخطار ..
الجانب الآخر من الأضرار هو بيع الأدوية دون ضوابط ووفقا لأمزجة أرباب الجشع والمبالغة المستمرة في رفع الأسعار .. وبالرغم من تلك التجاوزات لم تحرك الجهات أو الهيئات المعنية أي سـاكن أو تعير ذلك الأمر اهتماما أو تتخذ أي إجراء رادع أو قرار .. وجراء ذلك ما تزال فوضى الأسعار قائمة والنتيجة أن الشركات تبيع الأدوية بسعر يحدده كل منها وتجار الجملة يبيعونها بسعر مختلف أما أصحاب الصيدليات فلا يضاهيهم في بيع الأدوية أشـطر الشـطار ..
كل ذلك شكل أعباء مالية على المواطنين المعدمين ومحدودي الدخل الذين يحتاجون للدواء ولا حول لهم ولا قوة بل لا مجال أمامهم لأي اختيار .. وبالتالي يضطرون للرضوخ والاستسلام لما يجري من عبث واستهتار .. وما كان ليحدث ذلك لولا غياب الرقابة الفاعلة من قبل الجهات المعنية وإن وجدت فهي رقابة ناعمة لا تحقق أي انضباط وليس لها أي تأثير على أرباب العبث والجشع من التجار ..
بعد هذا العرض غير الشيق لهذه المشكلة المتشعبة التي تطال أضرارها كافة أوساط المجتمع بلا استثناء ودون اختيار .. نتوقع مبادرة الجهات المعنية والمسئولة عن صحة وسلامة أرواح وأموال أبناء يمن الإيمان بمعالجة الاختلالات القائمة في شأن الأدوية من حيث دقة التصنيع والاستيراد والنقل والتخزين والبيع بما يحقق إيصال الدواء إلى المواطن دون أضرار .. وفي شأن مهنة الصيدلة بعد أن أصبحت في الغالب مهنة غير المتخصصين ومعظمهم من طلاب المدارس الذين لا صلة لهم بهذه المهنة التخصصية التي لا يجوز فيها الارتجال والعشوائية لأي سبب ولأي اعتبار ..
كما ينبغي توعية المواطنين باستمرار بالمحاذير المتعلقة بالأدوية متضمنة المعلومات عن خطورة رداءة النقل وسوء التخزين وما تسببه من مضار .. والتوعية كذلك بكيفية التعامل مع الأدوية والحرص على التأكد من سلامة عبواتها عند شرائها من الصيدليات وعلى وجه الخصوص الأدوية النادرة .. بالإضافة إلى ضرورة تفعيل الرقابة والتفتيش على جميع أنواع الأدوية وبالأخص الأدوية المهربة والمزورة .. وتحديد مدى صلاحية كل نوع في سـبيل سـلامة الناس وحماية أرواحهم من مخاطر السموم على أن تجرى هذه العملية الرقابية بصورة مستمرة ..
وللحد من بعض تلك الإشكاليات يجب أن يتم التوافق والتنسيق بين كافة الأطراف المعنية : وزارة الصحة والسـكان والسلطة المحلية والمكاتب التنفيذية ونقابة الصيادلة وكل من له علاقة بهذا المضمار .. والعمل بشكل جاد على تنظيم إصدار تراخيص مزاولة مهنة الصيدلة بحيث يقتصر أداء هذه المهمة على الإدارة المختصة بوزارة الصحة والسكان بعد أن يفك اشتباك تداخل الاختصاصات بين الجهات ويطبق القانون بجدية وإصرار ..
خلاصة القول لو أن أمر صحة وسلامة المواطن حاز اهتمام المعنيين لدى كافة الجهات المسئولة لترجم هذا الاهتمام إلى معالجات وإجراءات فعلية .. وبالطبع لن يتحقق ذلك إلا عندما يشعر كل فرد معني بالأمر بواجبه الإنساني والوطني نحو أبناء وطنه ويعمل على أداء هذا الواجب بأمانة وإخلاص وحسن نية .. وتلك هي القضية .
Drbarakato@gmail.com

قد يعجبك ايضا