ما نزال فــي الانتظــار

عبدالخالق النقيب

مقال 


 - الأقرب لنا ونحن نعيش حالة من التمرد على اللامعقول واللامقبول هو أن نضع أنفسنا في مقارنة مفتوحة مع بني البشر الذين يسكنون في الجزء الغربي للكرة الأرضية التي نعيش على سطحها نحن وهم سويا من حقنا ألا ننتقص من إنسانيتنا وكرامتنا ولو كان
عبدالخالق النقيب –

مقال 

الأقرب لنا ونحن نعيش حالة من التمرد على اللامعقول واللامقبول هو أن نضع أنفسنا في مقارنة مفتوحة مع بني البشر الذين يسكنون في الجزء الغربي للكرة الأرضية التي نعيش على سطحها نحن وهم سويا من حقنا ألا ننتقص من إنسانيتنا وكرامتنا ولو كان ذلك الانتقاص بمقدار مثقال ذرة ولنا أن نحظى بما يحظون به من قادة ووزراء ومحافظين على قدر عال وعال جدا من الالتزام والإيفاء بمسؤولياتهم حيال مواطنيهم من حقنا أيضا أن نتذوق نكهة الاستقالات تماما كما يتذوقون هم استقالات وزرائهم ومحافظيهم ومسؤوليهم مع كل إخفاق يعترض حياتهم أيا كانت سذاجة ذلك الإخفاق وتفاهته نريده نحن على الطريقة اليمانية وما أجمل أن تاتينا مع ارتشاف قهوة الصباح الممزوجة بالبن اليماني الأصيل.
ما معنى أن وزيرا أوروبيا ومعه مسؤولو ورؤساء الاتحادات الرياضية يستقيلون بسبب إخفاق فريق رياضي في تحقيق الفوز ونيل الكأس فيما بلادنا تغرق بالظلام لأيام وتختنق المدن الساحلية بالحر والكهر ويموت أطفال الحاضنات ومرضى الغسيل الكلوي بالمستشفيات وأن تقتل عائلات بالجملة بسبب استنشاق عوادم المولدات الكهربائية بفعل مسلسل سخيف بات مألوفا وأسباب هزلية مكرورة ينتجها قطيع من العصابات واللصوص والغجر على مرأى ومسمع من الوزير والمحافظ والقائد العسكري والمسؤول الأمني دون ان يهتز لهم طرف.
كم نشعر بالنقص حين يستقيل وزير أمريكي لتسببه في حادث مروري أو فضيحة تعذيب طفيف في أحد السجون أو عقب وفاة مريض من المرضى بسبب خطأ طبي ولماذا نذهب بعيدا وزير الداخلية الكويتي قدم استقالته فور سماعه وفاة أحد السجناء تعذيبا في مقابل أن يقتل (200) جندي ذباحة وعلى ملة القاعدة وقبلتها اللعينة في معسكر بأبين محاط بأسوار عالية وتظل القضية طي ظروف غامضة وتلحق بهم كتيبة أو سرية من سرايا الأمن المركزي بميدان السبعين في مأساة دامية اهتز لها عرش الرحمن وسخط لهولها ملائكته في السماء فيما لا يتزحزح كرسي دوار الوزراء وإن كان حجم الكارثة والقصور اللافت يستوجب استقالة الحكومة دفعة واحدة.
مقارنتي البائسة ليست لتحديد المداءات التي نتباعد بها ولو كان كذلك لأمكنني الإقرار بعدمية ما أذهب إليه القضية ببساطة لا قيمة للثورة وتضحياتها إذا لم تأتö بأي جديد يلمسه الشعب ويجني ثماره العاجلة وفوارقه الشاسعة وهنا لا أدفع وزيرا بعينه إلى الانتحار أو أحرضه على ذلك وإن بدا الآن طبيعيا مع أولئك البشر.
خطر لي لو أن وزيرا أو محافظا أو مسؤولا وقائدا من العيار الثقيل قرر الاعتزال من منصبه نتيجة قصور في إطار مسؤولياته أو عوائق اعترضت مهامه وستؤدي إلى إخفاق فبادر باستقالته وأشفعها باعتذار للشعب وللسيد الرئيس كيف سيحظى بتقدير كبير من عامة الناس وكم هي الصورة التي ستتناوب الأقلام رسم جمالياتها وتفيض كل ريشة بإشباع معانيها وليس ببعيد أن يتحول إلى رمز وطني يضرب به المثل في الضمير الحي والإحساس الوطني المتقد.. مازلنا بانتظار استقالتكم كي نشعر أن ثمة ثورة قد آتت أكلها.

قد يعجبك ايضا