رمضان.. ثورة أخرى

عبدالله حمود الفقيه

 - في كل سنة يأتي رمضان ليعلمنا أصول الثورة السلمية ثورة التغيير التي تستهدف أعماق أرواحنا وأغوار نفوسنا حيث تتراكم مخلفات القيم السلبية وتتكدس أكواما في اللاوعي على
عبدالله حمود الفقيه –
في كل سنة يأتي رمضان ليعلمنا أصول الثورة السلمية ثورة التغيير التي تستهدف أعماق أرواحنا وأغوار نفوسنا حيث تتراكم مخلفات القيم السلبية وتتكدس أكواما في اللاوعي على مدار السنة فيسعى- عبر مجموعة من الأدوات والبرامج والمكافحات- إلى الوصول إلى الجذور الخفية التي تكون قد أصابتها فيروسات الحياة المادية واستولت عليها وغلفتها بطبقة عازلة وبدأت بالتحكم في سلوكيات الشخص وممارساته وطريقته في الحياة.
لكن ما يبدو جليا وواضحا في الفترة الأخيرة أن الفيروسات الخبيثة اللاإنسانية المتمثلة في ثقافة الكره والحقد والأنانية والتسلط والظلم والقتل ووووووو قد استوطنت وأحكمت إغلاق لا وعينا عليها فلا تسمح لأي برنامج أو مكافح مهما كان عتيا أن يصل إليها فبقي عمل رمضان – وبرامجه – يحوم حول الغلاف الخارجي بل قامت هذه البرامج الخبيثة المادية الدنيوية السلبية باختراقه وسلب القيم الأساسية العميقة التي يحملها وغيرت مضمونها الحقيقي بشكل مزيف فبدلا من تغيير النسق الثقافي الكامن في اللاوعي والمتحكم في سلوكياتنا وممارساتنا وتعاملاتنا مع بعضنا ومع الله قمنا بتغيير الأشكال الخارجية وأضفنا قيما لا إنسانية ولكن هذه المرة باسم رمضان وباسم التغيير فغيرنا أوقات نومنا … صيرنا ليلنا نهارا ونهارنا ليلا كالخفافيش وغيرنا ألوان الأطعمة التي نتناولها ونملأ بها معدنا حد التخمة وفتحنا المصاحف لنردد الآيات كما تفعل الببغاوات ويتدافع الكثير من الناس إلى الجامع ليركعوا ويسجدوا ويملأ الخطباء رؤوسهم بخطاب تحريضي تكفيري مخيف يعزز قيم الفرقة والخلاف – لا الاختلاف- والفتنة بين المسلمين ويسمم عقولهم بثقافة العنصرية والإقصاء والإلغاء فيصب الخطباء جام غضبهم ولعناتهم على الكفار والملحدين واليهود والنصارى ويلهجون بالدعاء والمصلون يؤمنون بعدهم طالبين من الله أن يجعلهم وأولادهم وبناتهم ونساءهم وبيوتهم وأنعامهم وسياراتهم وكل ما يملكون غنيمة للإسلام والمسلمين وربما اختتم الخطباء والفقهاء بالدعوة إلى التبرع بالمال والإنفاق لصالح إخواننا المسلمين المجاهدين في أفغانستان وفلسطين وبورما وووووو وقد يصرخ هذا الخطيب أو ذاك في وجه المساكين الذين يستجدون بعد الصلاة إخوانهم لمساعدتهم لأنهم لا يجدون ما يقتاتون بحجة أن المساجد لم تبن لهذا ويسمع أولئك الفقراء – وما أكثرهم – ممن أجبرهم الجوع على مد أيديهم للناس في الجامع والشارع أو من أولئك الذين حبذوا البقاء في بيوتهم يطبخون الوهم لأبنائهم تلك الدعوات للتبرع فيتمنون أن يكونوا من الإخوان المجاهدين في إحدى الدول التي يسعى الخطباء والأئمة بكل طاقتهم لإقناع الناس بالتبرع لهم في المساجد!!!
تغيرنا في رمضان مغاير تماما لما يفترض أن يكون حتى أننا غيرنا بقية الإيجابيات التي كنا مازلنا محتفظين بها واستبدلنا بها سلبيات عديدة فينقلب الناس قبل المغرب إلى ذئاب لا يقبلون أحدا يقتل الواحد أخاه على شيء تافه بدعوى رمضان وصيام!!!! والسائقون يكثرون الحوادث وهم يتسابقون على الفطور بدلا من التسابق على الرحمة والهدوء والحب والمغفرة ويرفع التجار أسعار السلع ويخرجون الذي لا يباع طوال السنة من التالف والمتردي والمنتهي الصلاحية مستغلين حاجة الناس وعوزهم وفقرهم ويكúثöر الموظفون والمسؤولون والمدراء من السلب والرشوة والنهب والنصب ليرتاحوا في رمضان و(يتنغنغوا ( في العيد وووووووووووو إلخ وعذر الجميع (رمضان… صيام(.
أصبح رمضان حملا ثقيلا يكسر ظهور الفقراء ويأتي العيد بعده ليفضح الذين ظلوا مستورين طول العام – كما قال أحد زملائنا بحق – بدلا من أن يدعمهم ويأخذ بأيديهم ويواسيهم ويمسح الدمع عن عيونهم!!! والجمعيات الخيرية التي تتخم بأسماء الفقراء والمساكين توزع التمر الفاسد والبضائع المنتهية الصلاحية وتحت عيون الكاميرات!!!!

قد يعجبك ايضا