أريافنا منسية تماما

فكرة محمود

 - نحن أناس نحبذ الصمت تجاه سلوكياتنا السيئة ونشعر بالخزي أن نتحدث عنها علنا مع أنها تشكل مشاكل كبيرة تؤدي الى عواقب ومخيمة تزيد من تعقيدات الحياة ,ونحاول قدر الإمكان الت
فكرة محمود –
نحن أناس نحبذ الصمت تجاه سلوكياتنا السيئة ونشعر بالخزي أن نتحدث عنها علنا مع أنها تشكل مشاكل كبيرة تؤدي الى عواقب ومخيمة تزيد من تعقيدات الحياة ,ونحاول قدر الإمكان التكتم عنها والتحدث عنها في أماكن ضيقة جدا وأحيانا خلف جدان أربعة مظلمة وبهذا نظهر للآخرين على أننا شعب حضاري نفاخر بحضارة الأجداد وسلوكيات ومعتقدات الآباء ونظل متمسكين بها بل نتشبث بالسيئ منها ونعتبرها الطريقة الأمثل لإدارة الحياة وهذا يجعلنا في نظر الشعوب الأخرى والمجاورة منها بأننا شعب متخلف مازالت تسكننا عادات وتقاليد سيئة لاتتماشى مع إنسانية الإنسان.
من هذه السلوكيات التي نستحي كثيرا في التحدث عنها ومناقشتها علنا خاصة في الإعلام هي سلوكيات البدائية في التخلص من مخلفاتنا الآدمية خاصة في المناطق الريفية والنائية منها التي تفتقر إلى مشاريع خدمية مستدامة مثل مشاريع المياه والصرف الصحي ومن هذه العادات التي لفتت النظر إليها أن هناك من الناس في عدد من القرى الريفية بمحافظة تعز التي تعتبر عاصمة الثقافة ووجود نسبة كبيرة من المتعلمين فيها أنهم يعتبرون وجود حمام في البيت يعني وجود الشياطين والجن ولذا فالتخلص من النفايات بالصرف المكشوف هو الطريقة الآمنة التي يتعبونها كما وجدوا آباءهم عليها من قبل وهناك من يقوم بالتخلص من مخلفاته عبر أكياس البلاستيك ورميها من أماكن عالية لتحط في مفترقات الطرق وبين الحقول وبجوار مصادر المياه وتسمى هذه الطريقة بالأكياس الطائرة .وكل ذلك يعني مزيدا من التلوث البيئي خاصة تلوث المياه المستخدمة في الشرب ونتيجة ذلك انتشار الأمراض المعدية كالإسهالات والملاريا والكوليرا وهذا يعني إصابة الأطفال في سن التعلم باستنزاف طاقاتهم الجسدية والعقلية وعدم قدرتهم على استيعاب الدروس والانتظام بالمدرسة وبالنسبة للفتيات التسرب من المدرسة لعدم وجود حمامات نظيفة ومستقلة لقضاء الحاجة وهذا يعني المزيد من التخلف في هذه القرى وانتشار السلوكيات السيئة بين طلبة وطالبات المدارس الذين يكبرون وهم يمارسون عادات آبائهم وأمهاتهم وبالتالي لايبالون بالنظافة الشخصية والعامة ولا يرون في تلوث البيئة أية أضرار تهدد حياتهم وحياة بيئتهم ولذلك نلحظ أن هناك مناطق ريفية وفي المدن توجد بها أسواق القات تكثر فيها الأكياس البلاستيكية والقمامات الناتجة عن وجود هذه الأسواق عامل جذب للناس وهم لايجدون في ذلك أية حياء أو قذارة لأنهم اعتادوا عليها منذ الصغر في قراهم مع أن الريف عادة معروف عنه بشحة مصادر التلوث خاصة تلوث الأكياس لعدم توفر البضائع المستخدمة لذلك ولكن في عدد من مناطق صبر بتعز يعد الكيس البلاستيكي مهما في حاجتين للقات وللتخلص من النفايات الآدمية والمشكلة المهمة جدا والتي جعلت الناس يلجأون لمثل هذه الطرق للتخلص من مخلفاتهم عدم وجود مشاريع مياه دائمة تساعد الناس على بناء الحمامات في بيوتهم وفي مدارسهم وتوفر الوقت للنساء وخاصة الفتيات الصغيرات في السن من الالتحاق بفصول الدراسة النظامية لأنهن مشغولات في معظم أوقاتهن في جلب المياه من أماكن بعيدة بالرغم من أنها ملوثة وسبب رئيسي في بقاء الأوبئة والأمراض المعدية المنتشرة في قراهم بين الصغار والكبار ,أضف الى ذلك غياب دور المراكز الصحية في توعية الناس والقيام بحملات توعية تدعو الناس الى التخلي عن سلوكياتهم وعاداتهم الحياتية السيئة الممارسة كل يوم وغياب السلطة المحلية بما فيها المجالس المحلية عن التفاعل مع الحياة الاجتماعية والبيئية والصحية لقراهم كل ذلك ساعد الناس في الاستمرار في سلوكياتهم الاجتماعية السيئة التي يعتقدون أنها الطريقة السليمة للاستمرار في الحياة .
ولأننا أناس نستحي من ذكر مساوئنا ونعتبر ذلك عيبا وخزيا ومثيرا للاشمئزاز والسخرية من قبل الآخرين فإننا بذلك صنعنا فجوة كبيرة بين المدينة والريف وتركنا الجميع يمارس سلوكياته ومعتقداته كما يراها هو حتى لو كانت ضارة به وبالآخرين فوجود الأمراض الوبائية والمعدية وتلوث مصادر المياه أحد الكوارث البيئية الإنسانية التي تفاقم انتشار الأمراض بين الناس مما يصعب معالجتها بينما لو اهتمت الجهات المختصة وبإشراك الناس في القرى والمدينة لكانت المصيبة أهون ولكانت الحلول الناجعة الوقائية هي الوسيلة الأكثر فعالية في تغيير سلوكيات الناس الذين يفاخرون بحضارات أجدادهم وآبائهم في الزمان القديم ويتناسون الحاضر الذي يعيشونه وكيف أصبح العالم كله قرى كونية يستخدم العقل وسيلة للحياة وليس الجهل والتخلف .
ومن هنا أوجه دعوة للجهات الحكومية بل وقيادات الحكومة التي هي الأخرى مشغولة بأشياء أخرى آخرها هموم الناس ومنظمات

قد يعجبك ايضا