التكافل دعت إليه الفطرة وقررته الشريعة

محمد عبدالغني مصطفى


محمد عبدالغني مصطفى –
قال تعالى ((وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)) التعاون غريزة من أنواع مختلفة من عالم الأحياء وهو سبيل بقائها في هذه الحياة فأسراب النمل تتعاون فيما بينها في دأب وصبر على أعمالها المختلفة ومحاولاتها المتعددة لتحافظ على حياتها وتبقى على ذاتها فهي تدخر لنفسها القوت وتحافظ عليه لتنتفع به في الزمن الذي لا تستطيع فيه أن تخرج من مساكنها وإذا ما تعرضت لخطر تجمعت وتعاونت على دفعه وتعد هذا التعاون الوسيلة الوحيدة لدرء هذه الأخطار والقرآن الكريم يقص علينا موقفا من مواقف هذا النوع الضعيف من المخلوقات وهو يكافح دفاعا عن بقائه متآلفا متعاونا وحينما مر سليمان عليه السلام بواد فيه نمل كثير وهو مع جيشه الكبير لا يشعر بأن على الأرض نملا يسعى أحست نملة واحدة بدنو الخطر فصاحت بلغتها في بني جنسها ليتنبهوا إلى مصدر الخطر ويتقوه قال تعالى ((حتى إöذا أتوúا على وادöي النمúلö قالتú نمúلة يا أيها النمúل ادúخلوا مساكöنكمú لا يحúطöمنكمú سليúمان وجنوده وهمú لا يشúعرون 18/27 فتبسم ضاحöكا مöن قوúلöها وقال ربö أوúزöعúنöي أنú أشúكر نöعúمتك التöي أنúعمúت علي وعلى والöدي وأنú أعúمل صالöحا ترúضاه وأدúخöلúنöي بöرحúمتöك فöي عöبادöك الصالöحöين)).
وكذلك جماعات النحل تتعاون في دقة وتنسيق على القيام بواجباتها وتنظيم بيوتها وتعمير خلاياها حتى تتمكن من أداء وظيفتها في إنتاج الشراب الذي وصفه الله بانه فيه شفاء للناس قال تعالى: ((وأوúحى ربك إöلى النحúلö أنö اتخöذöي مöن الúجöبالö بيوتا ومöن الشجرö ومöما يعúرöشون 68/16 ثم كلöي مöن كلö الثمراتö فاسúلكöي سبل ربöكö ذللا يخúرج مöن بطونöها شراب مخúتلöف ألúوانه فöيهö شöفاء لöلناسö إöن فöي ذلöك لآية لöقوúم يتفكرون)).
والطيور والحيوانات الأخرى نراها جماعات وجماعات فإذا عرض لها خطر تكتلت وواجهته مجتمعة لإدراكها بالغريزة أنها إذا انقسمت إلى أفراد هانت وأصابها الهلاك والدمار.
والإنسان هو سيد هذه الأحياء فيجب أن يكون تعاونه أوثق وأعمق لأنه أفضل من يدرك أن الجماعة خير من الفرقة وأن التعاون أجدى من النزعات الفردية والانعزالية الناشئة عن الأثرة وحب الذات ومن طبيعة هذه الحياة أن يتفاوت الناس في المواهب والملكات والجهود والطاقات فمنهم قوي وضعيف وصحيح وسقيم ومستطيع وعاجز إلا أن هذه الفروق إذا تركت وشأنها فاتسعت وانقسمت ولم تحاول الأيدي المخلصة أن تخفف من حدتها أصبحت عوامل للهدم ومعاول للتحطيم فالواجب هو التقريب بين هؤلاء وأولئك عن طريق التفاهم والتراحم وبأسلوب التكامل والتعاون لأن الإنسان لا يمكنه أن يعيش منفردا ومهما أوتي من قوة وقدرة فسيحتاج في أحيان كثيرة إلى معاونة غيره يعاونه في حياته ويواسيه في شدته ويؤنسه في وحشته ويشاركه سعادة الحياة ليكون لها طعم ومذاق وراحة ((فخذها بقوة)).
كونوا جميعا يا بني إذا اعترى
خطب ولا تتفرقوا أحادا
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا
وإذا افترقن تكسرت أحادا.

قد يعجبك ايضا