لعبة اللون الفذة في‮ «‬كطير ما»‬

‮ ‬مجيب أحمد السوسي‮

‮ ‬مجيب أحمد السوسي‮ –
‬ثمة عواصف آدمية سيصل صداها إلى أقصى العالم وستغير وجه اليمن ذا البشرة السمراء إلى بشرة‮ ‬يعشقها الجميع‮ ‬حنطية تميل إلى البياض المضمخ بالحمرة‮ ‬وأنا أثق بنبوءتي‮ ‬وحدسي‮ ‬أنا أؤمن بالمتغير صعودا‮- ‬خصوصا‮- ‬في‮ ‬فردوس الشعر‮ ‬وأنا أؤمن بلغتنا العربية انبجاسا كالماء من الصخر ستدهش في‮ ‬تجددها هذا‮.. ‬عصرا بأكمله‮.‬
لا أبالغ‮ ‬البتة إذا زعمت أن جيلا قادما من الشعراء أحدثوا مصنعا‮ ‬مذهلا لصيانة اللغة وتفجيرها من جديد كي‮ ‬تصبح لغة تسبق الشمس والضوء في‮ ‬سرعتهما ونكهتهما وأثيرهما‮ ‬وثمة أدوات ملونة وبارعة وطيعة في‮ ‬إبداع اللغة وتكوين خلقها المثير في‮ ‬هذا المصنع الجديد‮.‬
العواصف الآدمية التي‮ ‬تكفلت بتغيير البشرة السمراء لليمن والتي‮ ‬أمسكت منذ اللحظة بصواعق اللغة الشعرية الجديدة تنبثق من أصابع سأراهن على قدرة صداها في‮ ‬العالم وستتذكرون ذلك حينما تتواثب في‮ ‬عواصم العرب وعواصم العالم‮.‬
واعذروني‮ ‬إذا كررت قولي‮: ‬إنني‮ ‬لا أبالغ‮ ‬واعذروني‮ ‬ثالثة أن أقول‮: ‬إن جيلا سابقا أعطى بحدود جيله وبيئته هادئا‮ ‬مكرما ولكنه لم‮ ‬يحدث ثقوبا كثيرة كالذي‮ ‬أتخيله وأحسبه في‮ ‬الجيل الشعري‮ ‬القادم‮.‬
ودعوني‮ ‬أقف في‮ ‬محيط اليمن وقريبا من العواصف الآدمية التي‮ ‬تحمل مزاميرها وريش ألوانها وكوامن أصدائها وصواعق زلزالها وسيلتفت العالم كما أسلفت مبهورا بنقائها‮ – ‬عبدالعزيز الزراعي‮- ‬ليس لأنه فاز بجائزة أمير الشعراء فقد تنبأت له واسألوه قبل أن‮ ‬يذهب للمشاركة في‮ ‬هذه المسابقة أنه سيملأ الدنيا ويشغل الناس وليس لي‮ ‬منة في‮ ‬ذلك فشعره الذي‮ ‬قرأت‮ ‬يجعلك تقف احتراما ودهشة‮ ‬أما عبدالله عبيد فلديه فردوس آخر من الألم وصدى العتمة والسواد وإيقاع المعنى والاسلوب ما‮ ‬يجعلك تقف مرتجفا بحق أمام استخداماته الفنية خاصة في‮ ‬متعة اللون في‮ ‬قصائده وهو لون واحد لون مكهرب وقلق ومتمرد‮.. ‬إنه اللون الأسود‮.‬
إن لعبة اللون لدى عبدالله عبيد في‮ ‬مجموعته الشعرية الأولى‮ »‬كطير ما‮« ‬تشق عصا الطاعة وتضرب حتى عمق القلب وتتمدد شرايينها بحرية وهي‮ ‬تشرعن لنفسها إحكام الطوق على المتلقي‮ ‬من حيث لا‮ ‬يدري‮ ‬وهو بجمله الفنية الملونة لا‮ ‬يمسك الجزرة على الاطلاق من وسطها ولا من نهايتها‮.‬
إنه‮ ‬يتلاعب بها كالساحر‮- ‬ولا أبالغ‮- ‬ودافعه الخالص هو لون عنترة ورمال عنترة وبكاء عنترة الداخلي‮ ‬بطريقة تقارب المشاعر التي‮ ‬يكونها جسدا أو كتلة ملموسة على أرض نعيمه الذي‮ ‬أسميه‮ »‬ألم اللون‮« ‬الذي‮ ‬يمجده وبنفس الوقت لا‮ ‬يعبث به أو‮ ‬يرميه إلا بضاعة من‮ ‬ياقوت مبهر حرك عبدالله عبيد الأسود بتقانة الإحساس وبالمونولوج الداخلي‮ ‬أو أن اللون الاسود هو الذي‮ ‬حركه بطريقة مضادة ولكن واقفا تحت ظل العناية الإلهية مستبشرا به أو متنافسا معه لصناعة كوكب دري‮ ‬أسود‮ ‬يتماهى فيه ويخلق من حنينه الكلمة الطاغية في‮ ‬الرهافة والجمل التي‮ ‬لا تتعثر في‮ ‬مكونات الصوت والصدى وبرقا ليس خلبا‮ ‬ولكنه مثير للبصر هذا اللون الذي‮ ‬لعب بي‮ ‬كثيرا وراء أجنحة طيره أو كطيره‮ ‬ولكنه أمضني‮ ‬تارة وأثارني‮ ‬مرات وأتعبني‮ ‬بمتابعته الفذة مرارا‮.‬
كيف‮ ‬ينفذ لونه في‮ ‬ثنايا القصيدة كطيف أبيض‮ ‬يوشك على أن‮ ‬يعانقك بكرامة الصحراء والماء دفعة واحدة‮ ‬وكيف‮ ‬يتسلل إلى بصرك كلمع نافذ ويوقظك حينا على شباك تتساقط من خلاله نجوم سوداء تلاحقها‮.. ‬ثم

قد يعجبك ايضا