سالم على قطن الإنسان
–
أحمد يحىى الديلمي
لا يمكن أن انسى ماحييت الوجه الباسم للضابط الذي هرع لإنقاذنا في ليلة حالكة السواد وفي منطقة جرداء لا أثر فيها للحياة.
أثناء عودتنا من حزم الجوف استوقفتنا مجموعة لصوص أرادوا أخذ السيارة وكلما معنا حتى الملابس وإذا بسيارة قادمة نحونا عليها السائق وشخص إلى جواره تضاءل الأمل عندي وبقية الزملاء في النجاة.
كانت المفاجأة أنه بمجرد أن ترجل أحد القادمين من السيارة تقافز اللصوص تاركين كل شيء وهم يصرخون – سالم – هذا سالم اهربوا وفروا جميعا.
تقدم الينا الرجل وقال بتواضع جم.
أنا العقيد سالم قطن قائد معسكر شلال.. لبينا دعوته وقضينا الليلة معه في المعسكر بعدها توطدت علاقتي بالمرحوم اللواء سالم علي قطن لا لأنه كان المنقذ لكن لأني وجدت نفسي أمام طراز خاص من القادة عرفت أنه تم اختيار منطقة تواجد اللواء بعناية لتحقيق نوايا مبيتة إلا أن عظمة القائد وسلوكه افسدا كل النوايا الخبيثة هو القائد الوحيد الذي سمعته يخاطب الجنود في طابور الصباح.
انتم هنا لخدمة المواطن وضمان أمنه واستقراره إذا وصلتني شكوى من أي مواطن لن أرحم المتسبب هذا السلوك وهذه الأحاسيس جعلت القائد وجنوده يستوطنون قلوب أبناء المنطقة ويكنون لهم كل احترام في الزيارة الثانية للمعسكر عرفت لماذا هرب أولئك اللصوص وهم كثر لأن صفات القائد ولدت الرهبة والخوف في النفوس رحمة الله عليه فلقد جمع بين الانضباط والحزم والحنكة وبين التواضع والخلق القويم في التعامل القيادي أو في نسج العلاقة مع منهم من خارج السلك العسكري فكان قائدا بكل المعاني وانسانا بكل صفات الإنسانية في هذا الجانب ظلت مفارقة عجيبة تعبث برأسي تساءلت مع نفسي ما هي الصفات التي تجعل أبناء منطقة من أشرس المناطق المشتعلة يتمسكون ببقاء لواء عسكري كان قبل إعادة تحقيق الوحدة المباركة محسوب على الشطر الجنوبى.
المشاهد الماثلة في ذهني قائمة بقاء الجند في أي منطقة لا يخلو من المشاكل واقلاق السكينة العامة وقد تمتد الاختلالات إلى نهب الأراضي بالقوة وان كانت هذه الظاهرة من مهام المعسكرات المحيطة بالمدن وهي شهادة أخرى للمرحوم البطل لأن اللواء استمر لفترة في منطقة حزيز بأمانة العاصمة ولم يحرك ساكنا المهم اعتقد أن المرحوم سالم جند عددا من ابناء المنطقة وهم ممتنون منه عندما سألته في الزيارة الثانية ضحك وقال هل جننت نحن ابناء القطر الشقيق مجرد ضيوف ليس من حقنا اضافة جندي واحد.
إذا ما الذي ولد كل هذا الود¿ انشغل عني بالحديث مع عدد من المواطنين من الحوار عرفت الملمح الانساني الذي خلق حالة التآلف للمرحوم أعطى لحضور المعسكر بعدا تنمويا إيجابيا اسهم في انعاش الدورة الاقتصادية لأنه الزم كل الجنود بشراء حاجياتهم من منتجات المنطقة الزراعية والحيوانية زيادة الطلب حفز المواطنين على التوسع في الزراعة وتربية الحيوانات.. وهو ما حول اللواء إلى ركن مكمل لاهتمامات المواطن.
هذا التصرف الانساني عميق الدلالات حبذا لو استفاد منه القادة لأسهموا في ردم الهوة بين المواطن والجندي وهذه كانت فلسفة المرحوم البطل اللواء سالم علي قطن رحمه الله واسكنه فسيج جناته فلقد عاش بطلا ومات بطلا عاش وحب الوطن يجري في دمه ولم يهنأ الا بعد أن سقاه بدمه الطاهر رحم الله الشهيد علي سالم قطن فلقد شكل خسارة كبيرة للوطن وأحر التعازي لأولاد الفقيد واهله وتعزية خاصة لرفيق دربه الرئيس عبد ربه منصور هادي.. وإنا الله وإنا إليه راجعون̷