قواعد اللعبة 

نبيل حيدر

نبيل حيدر

الخلاطة التي درجنا على ملئها بكل ممارساتنا وسلوكياتنا.. أفكارنا وأقوالنا وأعمالنا.. تناقضاتنا واتفاقاتنا ما يعجبنا وما لا يعجبنا أكاذيبنا وحقائقنا مدحنا وذمنا نفاقنا ومصالحنا لصوصيتنا وعفتنا عنترياتنا وانبطاحاتنا ما نظهر وما نخفي من الرغبات والقناعات.. الخلاطة التي عاصرت وعصرت كل ذلك متوقفة اليوم عن إنتاج ايجابي. ومشكلتها ليست في كيبل غير موصول بالمأخذ بل عجز طبيعي عن إنتاج الصواب بسبب إطاراتها التي كانت تدور بهستيريا هادئة وثقوب كثيرة غالبتها وغلبتها.

نظرية الإمساك بالعصا من الوسط طالما رافقتنا.. حتى أصحاب الحقوق والمجتهدون والمستثمرون والقادرون على تقديم الأفضل قبضنا عليهم من الوسط فانفصل الجزء العلوي عن السفلي وقضي عليهم. استخدمنا النظرية للهروب الدائم من مواجهة المشاكل ومن مواجهة الحقائق وفي منع التفكير الايجابي من التمام وعكسيا فتح الباب للذكاء السلبي التام.

ويتكرر الحال.. ولا يختلف عن سابقه إلا بفتحة صغيرة في الجدار الحاجز عن الأمل وليت الفتحة اتسعت وجاءت محاولة الانعتاق بنفس السيرة التليدة التقليدية ونفس الخلط مع تطوير بعض الأدوات مثل استخدام عصا الزانة للقفز وأداة (ما أريكم إلا ما أرى).

وعندما تكرمت الأقدار بإحداث نقلة هامة على رقعة الشطرنج الجافة.. انطلقت الأحداث ولم تأخذ زمنا طويلا حتى عادت واستخدمت نفس الأساليب ونفس اللهجات ونفس التبريرات مع اختلاف الوقود وفي المضمون تستشف محاولات هروب من حقيقة وضرورة وأهمية تقويم الاعوجاج بالانتفاضة الداخلية على السلوك وعلى شوك النيات والمؤثرة كثيرا في نجاح الانتفاضة الخارجية وكأن الغرض فقط اغتنام الفرصة بأي وسيلة وبالبحث عن وسيلة مواصلات سريعة ومجانية. فها نحن مع حراك ثوري سلمي نجيز فيه كل شيء ونصنع معه مواكب لتزكية دماء وأفعال ونحفر قبور الصمت لدماء وأفعال. ها نحن مثلا نطالب بالمدنية ونعلي من شأن ظواهر طالما تفننت قي قصم ظهر بعير المدنية الهائم على وجهه منذ أمد بعيد.

إننا نبيت فوق حقل ألغام غريب الهجعة لن ننجو منه إلا باجتماع كل الأطراف ووضع كل خرائط الألغام على طاولة واحدة وكشفها ونزعها.. شئنا أم أبينا يجب أن نفعل ذلك وإن لم نفعله الآن سنكون متأخرين فقط لأننا سنفعله لاحقا. فالخلط وقواعد ألعابه مصيبتنا ويبدو مخرجنا أيضا وداوها بالتي كانت هي الداء لكن مع وضع قواعد حقيقية للحياة الجادة لا الحياة اللعبة. نحتاج إلى إنفاذ الرؤية والقراءة المستبصرة والانفعالات تكون مجدية إذا استثمرت مع الاستبصار.

قد يعجبك ايضا