تحالف الحضارات ومؤتمر اسطنبول

سمير محمد عبدالحق*

سمير محمد عبدالحق* –
هناك معان كبيرة لماهية ومعاني الحضارة في الفكر الإنساني ومن هذه التعريفات احدها الذي أخذ بتلابيب هذه المعاني للأستاذ توفيق محمد سبع والقائل فيه أن الحضارة تعني الحصيلة الشاملة للمدنية والثقافة فهي مجموعة الحياة في صورها وأنماطها المادية والمعنوية.
وهو تعريف بحسب مسعود ياقوت يشير إلى جناحي الحضارة وهما المادة والروح.
ومعنى الحوار عنده أيضا هو درجة التثاقف والتعاطي الإيجابي بين الحضارات التي تعني أن الحوار هذا لا يدعو الطرف الآخر إلى مغادرة موقعه الثقافي والسياسي وإنما لاكتشاف المساحة المشتركة وبلورتها والانطلاق منها مجددا وإذا ما أسقطنا هذين التعريفين على الواقع الحالي لحوار الحضارات سيعود بنا الأمر إلى التعرف على الزمن الذي بداء به هذا الحوار وأسبابه.
إن حوار الحضارات قضية ديالكتيكية متجددة وليست ظاهرة جديدة إذ أنها فكرة أو قضية قديمة قدم الجنس البشري ولكن بصور وأنماط مختلفة فلوا أخذنا فقط هذا الموضوع من بداية الحرب العالمية الثانية وما أفرز عنه هذا الحوار من اتفاقات دولية تمثل في إنشاء منظمة الأمم المتحدة وما يتبعها من منظمات دولية متخصصة إضافة إلى قوانين دولية متعددة كرست حالة السلم والأمن الدوليين خاصة بعد الحرب العالمية الثانية ولو إلى حين.
ولكن عندما تفردت الولايات المتحدة بالهيمنة السياسية والعسكرية على العالم أختل توازن قوى العالم لصالحها والكيان الغربي منذ العام 1990م بالتحديد وحدثت هناك بعض الخروقات في التعايش السلمي بين الدول وأحد المتأثرين جراء ذلك العالم الإسلامي الذي كان يوشك أن يشكل قوى نافذة وفاعلة في المجتمع وقطبا قويا يضع العالم له الاعتبار ولنتذكر ذلك من خلال التاريخ المشرق للإمبراطورية العثمانية الإسلامية.
لكن الغرب كان يخاف من نشوء هذا القطب خاصة وهو يمتلك الثروة النفطية والحضارية ولذلك قام بالحد من نشوء وارتقاء العالم الإسلامي إلى أبعد من ذلك وظهرت جليا أفكار استعمارية لمفكرين غربيين أبرزهم (فوكوياما) بنظريته المشهورة (نهاية التأريخ) الذي صنف فيها العرب والمسلمين بالشر المحض والعالم الغربي بالخير المحض والنماء وأبرزهم الولايات المتحدة التي مثلت عنده وفي فكره بأنها رائدة التاريخ ونهايته وصمام أمان البشرية.
فوكوياما بفكره هذا أعطى للغرب حق السطو والهيمنة على المسلمين متجاهلا الحقائق التاريخية والقيم الحضارية التي يحملها العالم الإسلامي بالإضافة إلى أن هذا العالم له ثأرات قديمة متعددة مع الغرب في كل الدول التي احتلها وبالخصوص فلسطين المنكوبة منذ ما يزيد عن ستين عاما كان العرب والمسلمين على الدوام في حالة ردود أفعال لما يحدث من صراعات مع الغرب ولازلنا نعايش بعضا من هذه الصراعات حتى اللحظة في فلسطين والعراق وأفغانستان وباكستان .. فأين يمكن أن تأخذنا الحوارات واللقاءات مع كل هذه النزاعات المتعددة
لابد من نزع فتيل الأزمات وحالات التصادم أولا قبل الحديث حول مسار هذه اللقاءات فحوار الحضارات مفهومه استكشاف نقاط الالتقاء الثقافي والإنساني بين الأمم لا يمكن أن يعوض الشعب الفلسطيني عن أرضه ووجوده عليها ولا يمكن أن تضمد جرح الشعب العراقي وحتى الباكستاني عما يحصل وحصل لهما من مآس إنسانية تمارس حتى اللحظة
إن حوار الحضارات أو تحالف الحضارات ليس وصفة علاجية تعطى من حين إلى آخر لتخفف من الألم ولكنها وسيلة للعبور إلى شاطئ الآخر وهو الأمان وبتوفر ضمانات أخلاقية لهذا الحوار لتكفل ادني شروط استحقاقاته والاعتراف بالأخطاء وهذا ما أكد عليه دولة الأستاذ محمد سالم باسندوة رئيس مجلس الوزراء في كلمته إمام منتدى تحالف الحضارات في اسطنبول من أن تحالف الحضارات يبدأ بإنجاز مهمات أخرى تتعلق بإيجاد أسس متينة لتعايش الحضارات ومنع تحول التباينات إلى صراع أو إلغاء للآخر أو أي شكل من إشكال الكراهية.
أي أن حوار الحضارات وسيلة مثلى بين الأمم ولكن يجب أن تكون على قواسم مشتركة يقف عليها الجميع .
المتطرفون في العالم الإسلامي هم كثر يغذيهم ممارسات الغرب في قراراتها التي لها سلوك عدائي متعمد تجاه الآخر ودعم للاحتلال واستخدام القوة المفرطة ضد السكان الآمنين وكأن ذلك أمرا واقعا .. أليس هذا دافع لمن يقوم بأعمال غير قانونية أو ما يسمى بالإرهاب كرد فعل لما يمارس ضد هذه الشعوب¿¿¿
إن تحالف الحضارات قد تكون فكرة طيبة وذلك من خلال تقاسم رئاسة هذا المنتدى بين تركيا وأسبانيا ولذلك فإن هذا التقاسم يضاعف المسؤولية على تركيا وأسبانيا في إيجاد القاسم والأرضيات المشتركة بين الغرب والمسلمين وإنجاز مهمات لابد منهما كما أكد عليها دولة الأستاذ محمد سالم باسندوة رئيس مجلس الوزراء.

*رئيس دائرة التعاون بمجلس الوزراء..

قد يعجبك ايضا