عيد سعيد .. ولكن! 

الدكتور عبدالعزيز المقالح


الدكتور/ عبدالعزيز المقالح

د. عبدالعزيز المقالح

لا أجمل من كلمة “العيد” ولا أحلى من إيقاعها في نفوس الكبار والصغار ولا يمكن إغفال ما اكتسبته هذه الكلمة الجميلة – عبر القرون- من إيحاءات تجعل الإشارة إليها تنعكس بهجة وسرورا في النفوس والمشاعر وتعبر عن أسعد الحالات الاستثنائية في حياة الإنسان المسلم غنيا أو فقيرا فالعيد لا علاقة له بالمظاهر ولا بما يحاول البعض من الميسورين أن يحيطوه به من بذخ وإسراف إنه عيد للروح ووظيفته أن يبعث الرضا في النفس وأن يعيد إليها التوازن المفقود جراء الحياة الروتينية وما تسببه من انغماس في الأعمال وإرهاق في مواجهة مطالب الحياة فيأتي العيد ليكون مساحة من الزمن يتخفف فيها الجميع من الأعباء ويتجاوزون بها الحياة الروتينية المملة . 

   وما يؤسف له أن هذه الكلمة الجميلة “العيد” قد فقدت في العقود الأخيرة من تاريخ العرب خاصة والمسلمين عامة كل معنى جميل بعد أن دخلت الأمة في صراع غير متكافئ مع أعدائها الذين لم يتمكنوا من إفراغ الأعياد عمليا عن معانيها وطقوسها فحسب بل جعلوا المشاعر في حالة استنفار واستفزاز لا يدري المسلم من أين تنـزل به وبوطنه الكوارث ولا كيف يتفاداها . ولا ريب أن واقع الانبطاح العربي والإسلامي وما أسفرت عنه حالات الضعف الناتج عن فقدان الإرادة وغياب الحكمة كل ذلك جعل أبناء الأمتين العربية والإسلامية يفقدون الكثير من سيادتهم على أوطانهم ويفقدون الشعور بالغبطة التي عادة ما تصاحب المناسبات الروحية والوطنية. وأنى للمسلم صادق الإيمان أن يفرح وإخوانه يصارعون الموت والاحتلال في أكثر من مكان على وجه المعمورة ¿!

   يضاف إلى ما سبق أن حالة الضعف والخذلان لا تتجلى في الجانب السياسي فحسب وإنما في جوانب عدة من حياتنا وفي الجانب الاقتصادي على وجه أخص فقد استطاع أعداؤنا على مدى عقود متتابعة أن يدمروا الصناعة التقليدية وأن يضعفوا تدريجيا الموارد الاقتصادية ويجعلوا من الاعتماد عليهم وعلى ما ينتجونه ضرورة لا مفر منها . وسأنتقي في هذا الحديث جانبا واحدا يتعلق بعيد الأضحى المبارك وكيف بات كل قطر عربي – دون استثناء- بحاجة إلى استيراد الأضاحي من دول أجنبية في مقدمتها – على سبيل المثال – استراليا هذه الدولة النائية التي لم تستأثر بأسواق اللحوم فقط وإنما بأسواق القمح أيضا بعد أن ساعد الأعداء من الداخل والخارج على تنمية الاستهلاك ومحاربة الإنتاج المحلي وليست الخرفان والأبقار المستوردة إلا دليلا واحدا من مجموعة أدلة على أن الأمة تتجه نحو الانقراض .
وإذا كان لي أن أتذكر شيئا جميلا كان يرتبط بهذا العيد السعيد فهو صورة مرسومة في الذاكرة من أيام الطفولة عندما كانت قريتنا والقرى المجاورة تمتلئ بقطعان من الأغنام والأبقار بالإضافة إلى أسراب من الدجاج التي تمرح وتسرح في شوارع القرية وكانت روائح السمن البلدي تفوح من المنازل طوال العام. وردا على من يقول – عن جهل – إن زيادة السكان هي السبب نقول له : إن الزيادة في عدد السكان تعني زيادة في الأيدي العاملة والمنتجة . ولا تؤدي إلى افتقار القرى من أبسط مطالب الحياة وإلى غياب تلك القطعان التي كانت – على حد تعبير جدتي – تسد عين الشمس . وآسف لأنني أثرت مثل هذا الموضوع المحزن والمثير للقلق في هذه الأيام المباركة ولا يسعني إلا الاعتذار وكل عام وأنتم بخير.
الشاعر علي ناصر علي في (حروف الحب والأسى) :

منذ العنوان تطالع القارئ نفحة رومانسية طالما وجدها في بدايات كل شاعر موهوب فهي التعبير التلقائي عن المشاعر الصادقة والجامعة بين الأمل واليأس أو على حد تعبير العنوان بين الحب والأسى.

في الديوان وهو الأول للشاعر علي ناصر علي لواعج حب تفصح عن نفسها في قصائد لا تلتزم الوزن . وفيه أيضا إكبار وإعجاب وتعاطف مع الحرية بوصفها الشمس التي تغذي الأرواح وتطهر العقول من أدران الخوف وتجاويف الألم .

تأملات شعرية :

ماذا يجدي

أن تصرخ في البريهú.

ضائعة كلماتك

غامضة في هذا الفقر المعتم

تائهة منسيهúú .

ماذا يجدي أن تصرخ

أو تبكي والوطن الأكبر

في العيد الأكبر

يتوضأ ويضحي

بدماء بشريهú ¿

قد يعجبك ايضا