تأملات .. الجمال الأخضر 

محمد عبدالماجد العريقي


محمد عبدالماجد العريقي

 
إذا أحسنا الترشيد في استخدام المياه فإن كل كائن حي (إنسان شجرة حيوان) سوف يحصل على نصيبه الكافي من هذه الثروة الحياتية التي لا تقدر بثمن.
وإذا عززنا ذلك بحصاد ما يأتينا من مياه الأمطار في خزانات وسدود وحواجز وفتحنا مسامات الأرض لخزنها في جوفها فإننا سوف نؤمن لحاضر ومستقبل الأجيال حصيلة مناسبة.
صحيح أن همنا وتركيزنا يصب في ضمان مياه الشرب أولا والزراعة الغذائية ثانيا لكن لا يعقل أن نعيش في بيئة جرداء دون أن نتطلع إلى رؤية شجرة أو حشائش أو زهور.
لكن هذا غير المعقول بدأ يفرض واقعه على واقعنا وبالذات في المدينة فالكتل الخرسانية والأحجار السوداء والرمادية استحوذت على معظم مساحات المدن وما تبقى من شوارعها وساحاتها قبرت تحت الأسفلت الأسود وإذا كان هناك من مساحات ترابية فليس فيها إلا مخلفات القمامة وورش ومواقف سيارات.
حتى ساحات المدارس فهناك آلاف المدارس المنتشرة في ربوع الوطن قليل منها عرفت الألفة مع الشجرة أما جزر الشوارع فهي تعيش علاقة متذبذبة مع الأشجار رغم ما يوحى أن هناك جهودا إنشائية وصرف الأموال للتفنن في بناء الأرصفة والجزر أحيانا توسع وترصف بالبلاط وبعد فترة تقلع لتضيق المساحة ويوضع حجر أسود وتترك مجاول للأشجار.. وتغرس أشجار وأحيانا ورود لا ندري كيف يتم اختيارها وهل تتناسب مع البيئة والمناخ لكن السائد أنه ليس هناك استقرار على مشهد ثابت ومستقر لوضع الشجرة والتشجير في المدن الرئيسية.
في دول العالم تخطط المدن على أساس تقاسم متوازن بين الأرض المخصصة للبناء والأرض المخصصة للتشجير فتشاهد بالمدن الكبيرة والصغيرة أن هناك فواصل بين الحي والحي الآخر بمساحة مساوية عبارة عن غابة مصغرة فمثلا لايمكن أن تتنقل بين حدة والتحرير دون أن يكون بينهما فاصل من الأرض الخضراء يكون ثلث مساحة هاتين المنطقتين أما التشجير في الشوارع وحدائق المنازل فحدث ولا حرج وحتى البلكونات وشرفات النوافذ تتدلى منها أنواع الزهور بمختلف الألوان.
بالمناسبة أنا أثني على اهتمامات الأخ يحيى محمد عبدالله صالح رئيس ملتقى الرقي والتقدم بموضوع التشجير حيث قاد مؤخرا حملة تشجير في ضواحي أمانة العاصمة نفذت الحملة من قبل شباب الأمانة وملتقى الرقي والتقدم بالتعاون مع بنك التسليف التعاوني والزراعي.
نحن بحاجة للشجرة والنبات الأخضر في مساحات أوسع لتخفيف حالة التوتر والاضطرابات النفسية التي يعيشها سكان المدن جراء الضوضاء التي تحدثها السيارات والمركبات وعشوائيات البناء بحاجة للشجرة لتلطيف الجو وامتصاص السموم التي تنفثها أدخنة السيارات نحن بحاجة للمزيد من الأكسجين التي تجود بها الأرض الخضراء.
أما إذا كانت المشكلة في المياه لري الحدائق وأشجار الشوارع فالعلم قدم لنا ابتكارات كثيرة منها الاستفادة من مخرجات محطات معالجات المياه والصرف الصحي وهناك طرق لتجميع المياه الرمادية وهناك مشروع كان بدأ تنفيذه وهو تجميع مياه الوضوء التي تخرج من المساجد ووضعها في خزانات ثم يتم سحبها ونقلها لري تلك الأشجار هناك طرق وأساليب كثيرة يعرضها مهندسو الري الزراعي والمياه والصرف الصحي والبيئة بالاهتمام والمتابعة نستطيع حتى تشجير الجبال الصخرية المحيطة بالعاصمة صنعاء وهي حملة لا تساوى 1% من جهود الصينيين في حملة تشجير الجبل الأصفر.
وهذا ليس بخيال هم بشر ونحن بشر وتجربتنا الحضارية والتاريخية رائدة في هذا المجال.. والدليل المدرجات الزراعية.. فالإرادة تكسر المستحيل.

قد يعجبك ايضا