تأمل ونسيان في رواية نسيان كم لأحلام مستغانمي 


فقد  حاولت الأديبة الجزائرية أحلام مستغانمي صاحبة الثلاثية الشهيرة : “ذاكرة جسد ” “فوضى الحواس”   “عابر سرير ” أن تغير  من منعطف كتابتها قليلا لتتجه نحو  عالم آخر من الكتابة إلى نمط  معين لتجعل  من المرأة والرجل أبطالا في مسلسل النسيان وقد اتخدت كشعار لهذه الرواية :  “أحبيه كما لم تحبه امرأة وانسيه كما ينسى الرجال ”   وإن صح التعبير فهذه الرواية عبارة عن سلسلة من النصائح قدمتها أحلام مستغانمي لكل أنثى أرادت التخلص من جبروت  حب الرجل إنها  عملية جراحية تستأصل من خلالها ورم العشق إنه طبعا حسب الرواية أحلام ليس من السهل استئصاله فأعراض الخيانة تظهر بأول انقطاع هاتفي……… مقدمة بذلك مجموعة من الأمثلة اتخذتها من محيطها ومن صديقاتها اللواتي عشن مرارة الحب وألم الفراق وصعوبة النسيان وكأن هذا الأخير يعتبر علاجا كيميائيا  لسرطان الحب الذي يغير  من ملامح إحساس العاشق وخصوصا إن كان العاشق أنثى .
 
فالتعامل مع النسيان حسب رواية أحلام يعتبر من الصعب التعامل معه إن لم تكن المرأة أقوى على ذلك فصمت الرجل من أشد الأسلحة التي تدمر الخلايا العاطفية وأنسجة مشاعر الأنثى (ص159) 
 وبهذا الصدد وظفت في روايتها التي سلبت الملايين من القراء إلى تقديم مجموعة من الأقوال والأمثلة والأبيات الشعرية وكأنه سلاحها الوحيد والدواء المناسب لكل أنثى أرادت أن ترمم  ذاكرتها العاطفية وتمحو ذكريات الألم من حاسوب الذاكرة العاطفية للأنثى .(أفضل ما يمكن توقعه من الرجل هو النسيان / فرانسومورياك ) . 
 وإذا رجعنا إلى الأسلوب اللغوي الذي اعتمدته الكاتبة في هذه الرواية فسنجدها ذات بنية لغوية  خاصة ومصطلحات متميزة . فمنذ الوهلة الأولى لفتح الكتاب نجد شعار الرواية يصادفنا وهو طبعا يفتح شهية وفضول القارئ بالرغم من تحذيرها لكل الرجال بعدم الاقتراب من روايتها ومن هنا نعتقد أنها خطة محبكة وحيلة من الحيل الفكرية التي استخدمتها أحلام كي تجعل من الرجال أكثر اقترابا من هذه الرواية وكأنها تحاول أن تستميلهم لكي يطلعوا عليها ويحسوا بجحيم معاناة الأنثى يوم تقع في فخ غرام الرجل ذلك الأنا الآخر الذي تختلف( أنـاه ) السيكولوجية النفسية عن (أنا الأنثى) . 
 ومن الأفكار التي استعانت بها أحلام إحدى أروع القصائد الشعرية وحده إبراهيم الناجي استطاع أن ينسج من أفكاره وبلاغة لغته وإحساسه المرهف رائعة: ” الأطلال”  التي تطرق فيها لفلسفة الحب  ووحدها أم كلثوم كانت لها القدرة على أدائها بصوت اخترق قلوب العشاق. لكن أحلام قسمت هذه القصيدة إلى رباعية أسمتها الفصول الأربعة : فصل اللقاء والدهشة فصل الغيرة واللهفة فصل لوعة الفراق ثم فصل  روعة النسيان (ص 21 الى ص25 )  ولا بأس أن نقدم للقراء أحد  المقاطع الأخيرة  من قصيدة الأطلال : يا حبيبي كل شيء بقضاء / ما بئيدينا خلقنا تعساء / ربما تجمعنا أقدارنا ذات يوم حيث عز اللقاء فإذا أنكر خل خله /  ومضى كل إلى غايته / لا تقل شيئا / فإن الحظ شاء . 
 كذلك لا ننسى أن نذكر بالعديد من القصائد الرائعة التي كانت إبداعا  شخصيا جاء انطلاقا من أفكار أنثوية  بامتياز حاولت أحلام  تشخيص ورسم صورة هي نموذج من ألم المرأة  حين تطرد من جنة الحب لتعيش في نسق من العذاب والمعانات العاطفية . ومن هنا تأتي رواية أحلام لتقدم الأدوية الشافية من هذا المرض (كما ينسى الرجال ص155) (افتحي ذراعيك يا ذاكرتي فقد حان استقبال النسيان / ناديا تويني ) ص193 (رواية نسيان كوم )  كما عززت روايتها بشريط غنائي يحمل  كوكتيل من الأغاني عبارة عن قصائده ذات طابع عاطفي حزين   هي مقتطفة من شعر أحلام وما زاد جماليتها أداء الفنانة العربية جاهدة وهبه لها ومثال ذلك القصيدة التي نالت إعجاب الكثير/ قصيدة أيها النسيان هبني قبلتك  :” أيها النسيان أعطيني يدك كي أسير في مدن الذكرى معك ………….وفي آخر القصيدة تقول : لن ارتدي حداد الحب   “. 
  نرجع مرة أخرى للمحاور التي تطرقت لها أحلام فمن الملاحظ أن النسيان لا يقتصر على المحبين والعشاق بل حتى المتزوجين الذين خاضوا تجربة الحب داخل الزواج  ولم تتح لهم فرصة إتمام هذا المشروع لكن أحلام أهملت هذه الفئة لأن الحب و النسيان لا يقتصران فقط على المحبين الذين لم يدخلوا بعد القفص الزوجي بل الأرجح من ذلك هو أن النسيان بعد الزواج يعتبر من أشد التجارب صعوبة خصوصا أن اقترن معه وجود أطفال هم ثمرة ذلك الحب .
النسيان لا يقتصر على المرأة بل الرجل يعتبر طرفا أساسيا في ذلك لأن  النسيان كمفهوم يرتبط بالذاكرة الإنسانية سواء أكان الفرد ذكرا أم أنثى  فكان من المستحب أن تتطرق لأشكال أخرى من المعاناة لدى الرجل حين يغدر ويطعن بسكين غدر المرأة فنجد عوض البكاء والألم  التدخين و السكر وربما تصل أحيانا إلى الإدمان كوسيلة من وسائل النسيان . فالرجل بدور

قد يعجبك ايضا