خيار الشعب 

عبدالعزيز الهياجم


عبدالعزيز الهياجم

 
 
عبدالعزيزالهياجم:

القرارات التاريخية هي تلك القرارات النابعة من صميم الحكمة والعقلانية والقراءة العميقة لمسار التاريخ وسنة التغيير والتجديد من أجل المصلحة العامة للشعوب والبلدان.

ومثلما تعيش بلدان المنطقة تطورات غير مسبوقة خرج فيها الكثيرون يطالبون بالتغيير ورحيل الأنظمة .. فإن اليمن ليست استثناء ..والمهم هو كيف نهيئ لانتقال سلمي وسلس للسلطة يحفظ للناس مطالبهم ويلبي تطلعاتهم ويحفظ للقيادة تاريخ الإنجازات التي حققتها .

والناس ينتظرون من القيادة التي عرöف عنها القرارات الحكيمة والشجاعة والجريئة , قرارات حكيمة تدخل بها التاريخ كراعية للانتقال السلمي للسلطة بانتهاز اللحظة التاريخية المناسبة والاستفادة من الأحداث المشابهة حتى لا يأتي وقت يقابل فيه الناس القرارات الجريئة والتنازلات الكبيرة بسخرية ويقولون أنها جاءت متأخرة .

صحيح أنه قد تكون هناك بعض الطروحات الاستفزازية لكون أصحابها لهم خصومات معينة ويريدون تصفية حسابات ..لكن لا يجب أن يكون ذلك مبررا لتجاهل مطالب كثيرين من البسطاء لديهم نفس الرغبة والمطالب ولكن بصورة صادقة وتعبر عن معاناة وضائقة لا يمكن أن يحجبها أحد.

في وقت سابق كان طبيعيا أن تصنف طروحات الخصوم السياسيين للسلطة بأنها في خانة المكايدات والمناكفات والاستفزازات , لكن عندما يرتفع صوت البسطاء ويعبر الشارع عن ضيقه من الفساد والعبث والممارسات التي تحط من كرامة الإنسان وتستقطع من قوته وقوت أولاده وتهدر حقوقه وتسلبه حريته في التعبير فإن على العقلاء أن ينصتوا مليا وأن يرددوا ” لبيك ” لكل المطالب الشعبية الحقة.

عندما بدأت التظاهرات والاحتجاجات كان أكبر خطأ في التعاطي معها هي تلك الأفعال التي بدرت من متطرفين أرادوا أن يثبتوا إخلاصهم فارتكبوا حماقات أساءت للنظام وهيجت مشاعر الناس واستفزتهم ..وكان لتلك الحماقات جانب مادي وجانب معنوي .

الجانب المادي تمثل في مواجهة التظاهرات بالمصادمات والتراشق وكاد ذلك أن يؤدي إلى نتائج وخيمة لولا إدراك العقلاء وقيامهم بتحركات لإعادة الأمور إلى نصابها على اعتبار أن ذلك النوع من المعالجة ليس أكثر من صب الزيت على النار وتأجيج مشاعر الكثيرين ودفعهم إلى حلبة ربما حاولوا هم الابتعاد والبقاء على الحياد.

والجانب المادي تمثل في إطلاق التعبيرات التي تثير الحساسيات المناطقية والطائفية وهذه أكثر خطورة وأفدح تبعات وتداعيات.

وبالتالي أثبتت الأحداث سواء لدينا أو التي وقعت في محيطنا أن الحل هو في الإنصات لمطالب الشعب المشروعة والاستجابة للنداءات المطالبة بالتغيير والتجديد .. واتخاذ الخطوات والإجراءات الكفيلة بمعالجة الوضع على النحو الذي يكفل بقاء اليمن موحدا وآمنا ومستقرا ومزدهرا ..ويكفل إنعاش الآمال والتطلعات بغد أفضل ومستقبل مزدهر وأكثر رخاء وتنمية ويحقق العدالة ودولة المؤسسات .

كما أن على من ينادي بالإصلاح والتغيير أن يتفهم أن لدى البعض مخاوف ليس من التغيير في حد ذاته وإنما من الممارسات التي ترافقه وتنجم عنه والتي يتم التعاطي معها بروح انتقامية وفيها شيئ من الحقد وتصفية الحسابات . يجب أن يكون هناك شعور لدى الناس بأن الإصلاح والتغيير لا يعني الانتقام وإنما يعني الوصول إلى ما فيه خير ومصلحة الوطن والمواطن.
 

قد يعجبك ايضا