الإعلام الحكومي.. حروب التبعية مستمرة! 

علي ربيع



علي ربيع

علي ربيع
> هاهي عواصف الصراع الحزبي تجتاح المؤسسات الإعلامية في اليمن وفي ذات السياق الذي ترفرف رايات شعاراته المرحلية بأن معارك حصد النقاط مستمرة ولكل وسائله وألاعيبه لكنها مهما تعددت هذه الوسائل واختلفت الأساليب يبقى القاسم المشترك في حروب الساسة نظرتهم المشتركة إلى الإعلام بأنه مجرد بوق وظيفته تمجيد الذات وغايته النيل من الخصوم والتشنيع بهم بغض النظر عن الحقيقة والقواعد المهنية المتعارف عليها وهي نظرة بشعة ومزرية لكن الأبشع منها أن تستمرئ النخب الإعلامية هذه الأدوار لتدور في فلك السياسي المخاتل والانتهازي وتنسى الوظيفة المنوطة بها في الانتصار للحقيقة وللمهنة وللمجتمع.
> لقد ظهرت في ظل هذا الوضع الرمادي الذي تقبع فيه طاولة اللعب السياسي الإشكالية الحقيقية التي يعاني منها الإعلام المملوك للدولة فكل طرف سياسي يريد أن يكون هذا الإعلام مغردا في سربه أو على الأقل منصرفا عن التعاطي معه كخصم افتراضي في حين تخفت كل الأصوات المنادية بتحرير الإعلام الرسمي وانعتاقه من دائرة التبعية السلطوية الفجة لينتقل إلى أفق العمل الإعلامي المهني القادر على سحب البساط من تحت أقدام إعلام الإثارة والابتزاز الحزبي والخاص.
إن مؤسساتنا الإعلامية في خطر حقيقي قد يعرضها بكل مقدراتها للاستمرار كما كانت خرائب ناعقة بالتبعية مشلولة الأداء ومشدودة إلى جناب السلطة التي تتحكم بها وفق أهوائها ورغبات القائمين عليها إلا ما تيسر من هامش يضيق ويتسع حسب الظرف السلطوي وشروطه في حين أن المفترض منها أن تتحول إلى واحة حقيقية تغرد فيها عصافير الحرية والرأي المسؤول وتختال فيها الفكرة الناصعة دون إملاءات أو ابتزاز أو محاولة لكبح جماح الحقيقة.
> الإعلام الحكومي بغض النظر عن الحكومة التي تهيمن عليه هو إعلام الشعب طالما أنه يمول من الميزانية العامة للدولة وظيفته الأولى أن يكون خادما للحقيقة لا خادعا للوعي الشعبي ومتحدثا بلسان الشعب وليس شاهد زور على مائدة الزيف ربما من واجبه مهنيا أن يتعاطى مع النشاط اليومي للحكومة لكن من المخزي بحق العاملين فيه أن يتحول إلى مداح في البلاط أو متقزما تحت إبط حزبي أو سلطة فردية.
> هذا الطموح ربما يكون مبالغا فيه لكن على الأقل إعلامنا بعمومه بحاجة إلى ميثاق شرف إعلامي طالما حلمنا به بل إن كل وسيلة إعلامية بحاجة إلى سياسة إعلامية واضحة ودقيقة ومهنية بعيدا عن الارتجال والتخبط تبعا لمزاج هيئة التحرير أو نزولا عند رغبات التوجيهات العليا أو تحت وطأة المعتقد الفكري أو الانتماء الحزبي وما لم تصب الجهود المخلصة للقائمين اليوم على هذه المؤسسات من أجل تحقيق هذا المناخ الصحي للعمل الإعلامي فأعتقد أن وجودها وعدمها سواء خاصة ونحن ضمن عالم يعيش عصر السموات المفتوحة والفضاء المعلوماتي المتعدد والحر حيث لم يعد الجمهور بتلك السذاجة ولا بذلك الارتهان لوسيلة إعلامية بعينها مما يستوجب أن تدخل مؤسسات الإعلام الرسمي سوق المنافسة إن أرادت أن تكسب ثقة المتلقي وثقة المعلن وإلا فإنها ستتحول إلى مجرد عبء وظيفي على هيكل الخدمة المدنية وخزينة الدولة وهو ما يتنافى مع أبسط مفاهيم الإدارة الحديثة.
> وأغلب الظن أن ما يحدث اليوم في مؤسستي الثورة والجمهورية وغيرهما من المؤسسات سيجد له شركاء السياسة وفرقاءها في حكومة الوفاق الوطني حلولا توافقية ترضي مؤقتا غرور كل فريق سواء بالتقاسم الحزبي لهذه المؤسسات أو بتوزيع المناصب القيادية فيها بأي شكل يتفق عليه لكن كل هذا ليس حلا جوهريا الأهواء ستظل ذاتها والمزاجية هي نفسها ونجاح مؤسسة أو إخفاقها سيظل رهنا بمقدرة قيادتها على حسن الإدارة وتمثل الضروري من متطلبات العمل المهني والمؤسسي غير أن مثل هذه الشخصيات القادرة على الارتجال الجيد والمغامرة المحسوبة تشكو ندرتها أو تهميشها.
> فهل تعي الأحزاب والقوى السياسية اليوم جدية الخطر الذي يحيق بالبنية المؤسسية للإعلام الحكومي ¿ وهل لديها من المسؤولية الوطنية ما يجعلها تتجنب الزج بهذه المؤسسات بمقدراتها وكوادرها ومشاكلها المالية والإدارية في ملعب الابتزاز أوفي خانة الحمق السياسي وهل تستشعر مأساوية أن تتعرض هذه المؤسسات لمسلسلات الكر والفر بغية الاستحواذ عليها أو تدجينها في سياقات جديدة من التبعية والمديح السلطوي¿ اللهم إني بلغت اللهم فاشهد.

قد يعجبك ايضا