الأحزاب.. وتجاعيد الماضي
عبدالخالق النقيب

مقال
عبدالخالق النقيب –

مقال
انتفض الربيع العربي المسكون بثقافة التغيير وثار ضد الماضي وبؤره الراكدة وفي زمن قياسي اختزل كما هائلا من الإبجديات الثورية الساخنة وأسس لنظريات جديدة وإرث تمردي يتخطر كثيرا من الخصائص والنظم والموروثات التي يستحيل الاقتراب منها لمجرد الاقتراب باعتبارها قبل الربيع وكانت النهايات المتماثلة بمثابة الغنيمة والتركة الضخمة للأحزاب السياسية إذا ما
رجعنا إلى إخفاقاتها في إفشاء الروح النضالية شعبيا وبتلك الافرازات وعجزها عن تحقيق النذر اليسير مما ظفر به الربيع وعلى مدى سنوات طويلة من نضالها وعمرها السياسي.
> كان بديهيا لتتمكن الأحزاب السياسية من اغتنام الفرصة وتكون البديل الأكثر إغراء والتصاقا بالشعب والقادرة على التكيف ومسايرة المتغيرات الدراماتيكية أن تتهيأ وتعيد تكويناتها بالكيفية
والرؤى المتسقة مع التغيير السلس والديناميكي واستيعابه وفق ما أتت به نظريات الربيع وتجاربه وقبلها لا بد لها من انتفاضة تغربل دواخلها وتعزل زبدها وتمحو تجاعيدها وتثور ضد ركود
فكرها الماضوي المزمن لتلتحم بالأفكار والقناعات والمبادئ اليافعة التي تتعارض مع هشاشة نهجها الكلاسيكي القديم.
> حراك المشهد الحزبي يفرز معطيات وقرائن دافعة كشفت عن مدى ضعف وهوان الأحزاب السياسية أمام الهيمنة والنفوذ الفردي الذي استحكم وأحكم قبضته على قراراتها كما أن الوقائع
ذاتها أسدلت الستار عن سطوة المراجع المشيخية والعسكرية عليها وبدت ميئوسة بائسة وأكثر تبلدا أمام اجتهادات دينية فضفاضة.
> ما يدركه الشعب جيدا أن الأحزاب الساسية ينتقصها التغيير الذي لم يخترق صفوفها ولم يبدل في استراتيجياتها الحزبية والتنظيمية شيء وإن إدعت أو سعت للتلميح أنها قد أعادت تخريج
منظومتها الفكرية والايدلوجية من رحم الربيع فالأحداث المتلاحقة تنتج لنا عكس ما تدعيه على التمام وتظهرها بهيئة بالية كسابق عهدها مخيبة للظنون والآمال.
> يبدو أن المراجع التنظيرية والباسطة نفوذها قد نجحت في تفريخ الأحزاب السياسية وإفراغها من مضامين ومنهجية تحررها سلوكها في الانسجام والتطابق المتناغم مع الإرادة الحقيقية
للشعب كواحد من أسرار حالة التباعد والنفور التي تتسيد العلاقة بين المزاج الشعبي الثائر والمنتفض ضد كل شيء يتصل بالماضي أو يتعلق به وبين ما تمضي فيه الأحزاب السياسية نهجا
وسلوكا.
> إن كانت ثمة تبريرات تطارد الأحزاب السياسية وتترصد لإرادتها في التغيير الداخلي الداخلي بحيث تجبرها على أن تفرمل تجاه اتخاذ قرارات جريئة تصنع التغيير في صفوفها وتتطابق مع
حيوية وتفاعل مشهد التغيير الشامل وتصر بالبقاء على ما هي عليه اليوم فلعمري إن المشوار ما زال طويلا أمام الشعب حتى يتنفس الصعداء ويشتم روائح التغيير ويعيش مستقبله الافتراضي ..
ففاقد الشيء لا يعطيه.