مشاهد يومية ..حذار من اللعب بالنار… 

عبدالرحمن بجاش



عبدالرحمن بجاش

عبدالرحمن بجاش
{ كلما أتذكر زميلي الذي حشرني في الزاوية بمدرسة سيف قائلا في وجهي : «لغúلغي شالغلغ أبوك» أضحك كثيرا وأبادر إلى زيارته في حارة الأبهر لأذكره بجمال تلك الأيام.
ويتذكر كثيرون أن عدن ذات مرحلة ظلت تناكف القادمين من الأرياف بـ «الجبالية» هذا وذاك كان مسألة عفوية تعتبر رد فعل طبيعيا لأهل المدن تجاه الوافد الجديد وهي مسألة عادية يؤطرها العاقل والمدرك في إطار ردة الفعل الطبيعية.
وفي تعز ذات لحظة – أيضا – كنت تسمع هنا وهناك عبارة «أصحاب مطلع» وفي الأخير ظل اليمنيون يمنيين لا يخدش تماسكهم أي إنسان مهما حاول وفي ظل كل الظروف تغلبوا على ما يجرجرهم إلى مربع النار.
وخذ الأمر من زاوية أخرى فقد جاءت ثورة سبتمبر وهذه البلاد معزولة عن بعضها حتى العظم فلما واجه الناس بعضهم ظلوا يتعرفون على أنفسهم بعض الوقت ليجدوا أن الكل يمني منú يضم ويسربل لا فرق ظلت المناطقية نوعا من استعراض الذات البريء كأن تقول أنا من هذه المنطقة وآخر يفخر بمنطقته ولا ضير من ذلك.
في مصر لولا الثورة ربما كانت وصلت إلى مرحلة الانفجار الطائفي خاصة تفجير الكنائس الذي استغرب المرء أن رأى طوال هذه الفترة وفي ظل غياب للأمن من الشوارع أن لا كنيسة واحدة تعرضت للاعتداء!!
في هذا الظرف الذي نمر به هناك منú يحاول تمرير أجندته أو أجندات الآخرين تحت شعار طائفي مقيت بدون عقل يعمل على ذلك ولا يدرك أن هذا الطريق بالذات يؤدي إلى المحرقة التي ستأكل الأخضر واليابس ويكفي ما نراه في العراق ونراه في لبنان بعد (15) عاما من حرب لم تبقö ولم تذر وفي النهاية يكتشف الجميع أنهم تحاربوا نيابة عن الآخرين حين وجدوا أنفسهم في نفس المربع الذي كانوا يقفون عليه من اللحظة التي قرر كل فريق الانخراط في اللعبة الأخطر!!
من حق الناس التعبير عن آرائهم من حق الناس أن يختلفوا من حق الناس أن يتظاهروا من حق الناس أن يصرخوا من حق الناس أن يطالبوا لكن بشرط ألا يختلفوا ولا يتظاهروا ولا يصرخوا ولا يطالبوا إلا تحت شعار واحد هو اليمن وتحت سقف واحد هو سقف الثوابت التي هي الثورة والوحدة ويحركوا مواقفهم كما شاءوا وليس من حق أي أحد أن يحرفهم في اتجاه أي شعار طائفي لأنها ستأكل منú يعمل على ذلك قبل الآخرين وعلى الجميع أن يعودوا إلى أهداف الثورة والهدف الأول بالذات ويسألوا أنفسهم أين كنا وأين نحن وإلى أين نسير¿
على الجميع أن يتصرف من وحي ميثاق شرف حتى وإن لم يكن مكتوبا على كل واحد أن يعتبره موجودا ومقرا ويعمل به ولا يخرج عن حدوده مفاده ألا يسمح أحد أي أحد وكل أحد ألا يسمح لنفسه أو لمن حوله بأن يرفع شعارا طائفيا أو مناطقيا مقيتا ونتفق حتى بدون كتابة على أن نظل يمنيين كما نحن وكما كنا وكما سنكون الكل سيذهب والوطن هو الباقي.
على الذين يتصورون أنهم سينجحون في إثارة الفرقة تنفيذا لرؤية ما أو أجندة ما عليهم أن يدركوا أن النار توجهها الريح حين تشب ولا تعد للمرء قدرة على الوقوف في وجه الريح ثقة في القدرة على أن يوجهها إلى أين يريد الريح يوجهها إلى أن تأكل الأخضر والياس.
حذار حذار أن نسمح لأحد أن يحرف اليمنيين عن يمنيتهم لأن الشعارات إذا لم تظل وطنية وبوحي من الثوابت وأمل بغد أفضل ستتحول إلى شعارات دينية ومذهبية وتخيل ماذا سيحدث وتخيلوا إذا اصطف هذا وراء ذاك وذاك وراء هذا وترك للريح أمر توجيه النار ما الذي سنصل إليه لن نجد بعدها بلدا ولا موطنا.
وسيكون لذلك امتدادات لا يفكر فيها منú يدفع إلى مثل هكذا شعارات مقيتة فيكفينا بهمومنا وعلينا أن نتذكر أن التصنيفات وهي سياسية – على كل حال – في الستينيات وما بعدها حتى بداية التسعينيات أضرت بكثيرين وكانت لأغراض شخصية كأن تزيح هذا من أمامك لأنك تخاف على كرسي وظيفة فتتهم هذا بالحزبية وتتخلص منه كان ذلك مقبولا لأنه لم يؤدö بالوطن إلى الهلاك لكن و«قدك» تقول لهذا أنت غير مقبول هنا لأنك زيدي وذاك يقول لآخر لا تدخل من الباب لأنك شافعي وآخر يمنع فلانا من الدخول إلى المسجد لأنه «سيد» فهنا المصيبة.
أكرöر التحذير من اللعب بالنار وعلى الدولة أن تؤكد هذا وبصريح العبارة أن شعارات من ذلك النوع المقيت سيبتر صاحبها من الجسد اليمني وعلى المعارضة أن تقول كذلك وعلى القبيلة أن تؤكد على ذلك وعلى منظمات المجتمع إن أرادت أن لا تحول الأمر إلى نوع من التصيد والرصد – فقط – بل أن تنظر إلى الأمر كأخطر أداة لهدم المعبد على منú فيه وأن الذي يرفعه أو يغذيه الإدراك أن هذا منطق الإسكندر الذي لم يعد هذا زمانه واليمن ليست مكانه.
}  }  }  }
شكوى مرة
{ لقد شعرت من خلال العمود الذي تكتبه في «مشاهد يومية» أن بالإمكان أن تمد يد العون إلى

قد يعجبك ايضا