هل يمكن¿ 

عبدالرحمن بجاش



عبدالرحمن بجاش

عبدالرحمن بجاش

{ وكنت أجلس إلى رجل أحترمه حدثني قال : كنا نجلس إلى المسؤول في الجهة التي نعمل فيها معا ففاجأنا طوال الجلسة بحديث كشف به مدى إلمامه بكل مشاكل التعليم بل ومساوئه أين يكمن الخلل¿ أين يفترض المعالجة¿ أين…¿ أين…¿ فظللت – قال الرجل – أتأمل إليه وكلما أوغل في حديثه ازددت إعجابا حتى أنني قلت له في الأخير : طيب طالما وأنت تحيط بالأمر بهذه الصورة الرائعة فلماذا لا تجمع كل مكونات التعليم لدينا وتقول لهم – فقط – ما قلته الآن¿ ألن يكون ذلك أجدى من مجرد إلقائه علينا¿ فتعلل بأكثر من سبب يمنعه من ذلك وازددت أنا استغرابا إذ كيف يدرك هذا الرجل كل الأخطاء ولديه حلولها فيحجم حتى عن نقلها إلى مسؤولي التعليم على الأقل المستوى الأول¿

والحق أقول لكم إن مسؤولين كثيرين وفي مفاصل الحكومة بكل مستوياتها حين تجلس إليهم تسمع كلاما جميلا منطقيا معقولا لو وجد طريقه إلى وضعه موضع التنفيذ لكفى نفسه كمسؤول كل الانتقادات وتوجيه أصابع الاتهام بالتقصير والغريب أنهم يسوقون نفس المبررات كتلك التي برر بها ذلك المسؤول إحجامه عن البوح بما في صدره!!

وفي مجالسنا المختلفة تسمع حتى ممن هم أصحاب قرار يوجهون النقد إلى الأداء الحكومي – مثلا – وهم جزء منه ومعظمهم يهمس في أذنك بعد أن يلتفت يمنة ويسرة : ما فيش فائدة وحين تسأله : طيب وأنت جزء من المشهد كيف¿ يتوارى ويظل السؤال معلقا : كيف¿

لا أدري لماذا ذكرني أو بالأصح لأن الشيء بالشيء يذكر دعوني هنا أقترح على الأخ وزير التربية والتعليم بدلا من كل هذا التعب أو إجابة على استفسارات طويلة عريضة لا تنتهي من الطلاب ولأن علاقة المدرöس في كل المراحل بطلبته علاقة تنافر يحاول فيها كثير من المدرöسين إثبات وجودهم وتكرار رسالة مفادها : «أنا مدرöس» بينما لم ينكره أحد كذلك المسؤول الذي يظل يردد : أنا عملت أنا سويت أنا أنا أنا حتى كره الواحد هذه الأنا وصار يردد على الطريقة الصنعانية : أنتو أو نحن من كثرة ترداد الأنا!! إذ أن غياب العمل المؤسسي في كافة المستويات يجعل كل مسؤول صغر أم كبر يردد : أنا وبتردادها يكبر الإحساس بأن الموقع الذي يشغله أضحى ملكه مثل أمناء الصناديق الذين حولوا الأمر إلى ظاهرة حين يوصون بأماكنهم لأبنائهم!!

وفي كل المستويات صارت الصورة واضحة حيث كثيرون يأتون بأبنائهم يوميا إلى الوظيفة وشيئا فشيئا ترى الوجه قد حل محل الوجه السابق!!

أعود إلى الأخ الوزير فأقول : لماذا لا يستن سنة يعمل بها حتى منú سيأتي بعده¿ لماذا لا يلتقي مباشرة مع الطلاب ليسمع منهم¿ فمن تجربة متواضعة تدور فصولا ويوميا تصبح الحاجة ملحة إلى أن يدير الوزير ونائبه وبعدهما مدراء مكاتب التربية حوارات مباشرة مع الطلاب ليقفوا ليس على مشاكلهم بل قد يجدون عند معظمهم أفكارا مفيدة وفي رؤوسهم – مثلا بما يتعلق بالمنهج – الكثير باعتبار أنهم الذين يكتوون بلهيبها!! فابنتي – مثلا – تسألني يوميا – وهي في الصف التاسع – أو تقول لي يوميا : كلم الوزير لماذا الحفظ¿ تعبنا حفظ حفظ وأخي الذي كان في كلية الهندسة وكنا في الطريق بين صنعاء وتعز نتحدث عن التعليم قال : هل تصدق أننا كنا نحفظ الرياضيات ولما أنكرت عليه الأمر لم يكابر قال : اذهب إلى الجامعة واسأل الطلاب وستجد الجواب رددت لحظتها : حتى الرياضيات¿ لأصمت فأنا نفسي كنت أحفظها في الثانوية من بدايتها حتى نهايتها وعلى ورقة الاختبار أسكبها بدون أن أدري ما هي!! فعدت أحدöث نفسي : ولماذا التعب إذا كنت أنا نموذجا¿

هل تعرفون ماذا يعني أن يلتقي الوزير أو نائبه في لقاءات مفتوحة مع الطلاب¿ أمر بسيط لكن معناه عظيم فأنت من حيث تدري أو لا تدري ستربي الطلاب على السماع للآخر وعلى احترام الرأي الآخر وكمسؤول ستجد حلولا لمشاكل كثيرة تواجهك ويظل المختصون لا يصارحونك بها ظنا أنهم يجاملونك لترضى عنهم كل منهم يقول : حتى لا يغضب فأسمعه ما يريد وبالتأكيد حين تقول له كل شيء تمام سيرضى ذاك المختص مدرöس تربوي موجه خبير خائن لضميره المهني.

مشكلة التعليم تكبر كل يوم والبعض يظن أن الأمر سيتحسن لوحده أقول : لا لن يتحسن إلا بمواجهة أخطائه وتصحيح ما اعوج لأن إهمال المشكلة وتركها تكبر لوحدها أسوأ مساوئها أن ولاء الطالب وهو المواطن القادم يهتز ويصير الانتماء بالنسبة له مجرد مصلحة فإذا أتت الشهادة بالوظيفة التي تدر نقودا كثيرة قال بالوطن وإن ظل في الشارع يأتي ويذهب باحثا عن الوظيفة فقولوا أنتم ماذا سيكون الانتماء بالنسبة له¿

}  }  }  }

العم علي الهادي

{ أنا إن كنت ولا أزال

قد يعجبك ايضا