مشاهد يومية ..من أجل المجتمع… 

عبدالرحمن بجاش



عبدالرحمن بجاش

عبدالرحمن بجاش
{ حضور كبير لا نهاية له وإن توقعته في جنازة عبدالرحمن عبسي لأن الرجل له حضوره من خلال الإذاعة ولعلاقته بالناس ولأن الناس فجعوا فكل منú وضعت يدي بيده ردد : ما هذا¿ هل معقول¿
العبارتان ترددتا كثيرا مباشرة وفي رسائل التليفون الكل مذهول الكل يسأل الكل عيناه زائغتان أما الصحافة الناس في واد ومعظمها في واد آخر بدليل أن جريمة الحديدة كل الصحف تنقل من بعضها نفس المعلومة ونفس «العجين» ولم تتميز صحيفة واحدة بإيصال القارئ إلى ما يفترض أن توصله إليه!!
وفي الحديدة تجمع الناس حول المحكمة مذهولين وحتى مراسلي القنوات الخاصة مع الحماس الطاغي يتناسى الجميع برغم هول الفاجعة وبشاعة الجريمة أن المتهم بريء حتى يدان ولذلك ترى المحاكم في أمريكا لا تسمح بالتقاط صور للمتهم فيتولى رسامون نقل وقائع أي محاكمة جنائية بالذات بالريشة وهذا ترونه في الأفلام ولا يستطيع أي قاض في الدنيا برغم بشاعة الجريمة أن يصدر حكمه إلا بعد استكمال كل إجراءات التقاضي لأن ذلك لا يجوز لا شرعا ولا قانونا.
وفي قضايا رأي عام ترى النائب العام وقد أصدر قرارا يمنع النشر حتى لا يتم التأثير على القاضي وفي جريمة القتل لا بد أن يطمئن القاضي إلى سلامة الإجراءات إذ كيف نستنكر الجريمة أي جريمة ثم نضغط على القاضي الذي قد يتسرع ويظلم فهناك جرائم يكون مرتكبها غطاء أو وسيلة لآخرين.
مرة أخرى فما حدث خلال الفترة الأخيرة وآخرها جريمة قتل العبسي وأولاده من أحد الأولاد لا يقرها شرع ولا دين ولا أخلاق ولا قانون إنما لا بد ومن أجل المجتمع أن يكون هناك السؤال الأهم : لماذا حدث ما حدث¿ ما هي الأسباب والدوافع¿ لكي نتقي ما هو أعظم حين نعلم ونتأكد ونقف على الأسباب.
هل البطالة سبب¿ هل ضعف الوازع الديني هو السبب¿ هل الفراغ سبب¿ هل الحبوب هي السبب¿ هل غياب الوالدين عن الأبناء سبب أو السبب¿ هل علامات الاستفهام التي تكبر وتتشكل في رؤوس الشباب ولا تجد منú يجيب عليها السبب¿ هل المدرسة وعقم مناهجها وغياب إدارتها هي السبب¿ هل غياب المسجد عن الحياة العامة هو السبب¿ لا بد أن يكون هناك سبب فحيث المحكمة تقوم بواجبها لكن جهات أخرى وأشخاصا آخرين لا بد أن يؤازروها في التحرك للبحث في سبب ما حصل وربما يحصل حدث ويحدث وما سيحدث.
أين أقسام علم الاجتماع والطب النفسي¿ أين الجامعات¿ أين الصحافة التي تبحث في ما وراء الخبر وتؤسس أرضية لهؤلاء يمشون عليها وصولا إلى السبب¿ ومن ثم يكونون قد هيأوا الأرضية لجهات أخرى تعالج وتضع الحلول.
إلى اللحظة – وربما هو طبيعي – فالناس كما قلنا مفجوعون وكثيرون بدأوا يرددون : كل واحد عليه أن ينتبه من أولاده!! وهذا لا يجوز فحيث يربي الإنسان أولاده تربية صالحة ويظل بجانب أولاده صديقا لهم ويرى في دواخلهم كل القيم فلا يمكن أن يفتح للخوف نافذة ولا بابا.
وفي هذا الزمن قلناها أكثر من مرة : على الجميع عقلاء ومشغولين ومشدوهين بالكسب السريع أن يتفرغوا لبعض الوقت لأولادهم وحتى هذين اللذين هما متهمان في الحادثتين الأخيرتين لا بد أن يجلس إليهما الأخصائي الاجتماعي وطبيب علم النفس وسيخرج بما يفيد لنقي الآخرين من الانزلاق تحت وطأة عوامل كثيرة أهمها البطالة التي يولد الفراغ من رحمها والفراغ كما هو الفقر قاتل قاتل ويؤدي بالإنسان – إذا تواكب معه إهمال من الوالدين تحت وطأة الانشغال أو التخزين – إلى المزالق التي نرى أحدها.
أتمنى ألا تبرد العواطف وننسى كالعادة حتى نصحو على ما هو أعظم.
وللعلم وحتى لا يظل البعض يغالط نفسه بأن كل شيء تمام أقول وكما أشرت إلى التحبيب بأشكاله وألوانه فهناك جرائم أخرى ترتكب بسبب تفشي سيئات أخرى كالزواج العرفي والسحاق وأمور أخرى أشد وطأة نعلمها كلنا وندفن تجاهها رؤوسنا في الرمال هروبا ومن هنا نداء للسياسيين أن يخصصوا بعض الوقت للاهتمام بالجانب الاجتماعي من حياة الناس وعلى الأحزاب من خلال خطاباتها وصحافتها أن تخصص وقتا أطول ومساحة أكبر للشباب مشاكلهم آمالهم أحلامهم تطلعاتهم شكاواهم والضغوط التي يتعرضون لها فهم بشر – أيضا – يريدون أن تكون لهم حياتهم ولا رحم الله منú يتركون – مثلا – أولادهم يعيثون في الشوارع فسادا بسيارات هي آتية من دورة الفساد فانظروا في الشوارع إلى عيون الشباب الذين ينهبون الأرض بأقدامهم ما هي مشاعرهم تجاه منú يعتلون السيارات الفارهة خاصة حديثي النعمة منú لم يكونوا يركبون «السياكل» وفجأة انتقلوا إلى سيارات الملايين لا يكلف آباؤهم أنفسهم مجرد أن يقولوا لهم : راعوا مشاعر أقرانكم على الأقل من باب ذر الرماد في العيون اسألوا الشباب عن هذا سيقولون لكم.
اللهم إني بلغت اللهم فاشهد.
 

قد يعجبك ايضا