بين كل مطب ومطب مطب 

عبدالرحمن بجاش



عبدالرحمن بجاش

 لا أحد كائنا منú كان يستطيع مجرد إنكار حجم الإنجاز في مجال الطرقات ولا أحد يستطيع – أيضا – أن ينكر حجم العبث بهذا المنجز الكبير الذي قرب الوطن من بعضه واختصر مسافات الأشهر إلى مجرد ساعات وبالطائرة إلى مجرد دقائق فالمسافة التي كان يقضي فيها الآباء أسابيع للوصول إلى صنعاء من تعز اختصرت إلى مجرد دقائق وهي نعمة نتذوقها تقاربا بين الناس وتعارفا أفضى إلى أشكال كثيرة من توطيد عرى أن يكون الجميع يمنيين.
 لا نقرن الإنجاز بحجم العبث وكأننا نحاول أن نفرغ الأمر من محتواه كأن يقول «معقد» : هوذا شهöد هنا لينحر بها هناك. لا فالحرص وحده على إنجاز بحجم آلاف الكيلو مترات من الأسفلت يجعلنا نشير وبقوة إلى العبث الذي تمارسه الأجهزة الخدمية والمواطن سواء بسواء لكن المسؤولية الأكبر يفترض أن تكون على الرسمي أكثر مما هي على المواطن لأن الحكومة بيدها القانون ومن أوجب واجباتها تربية الناس وإن كان بعض الأحيان بقسوة القانون
 وقد أوحى لي بفكرة هذا العمود برنامج من إذاعة صنعاء كان الطرف الآخر فيه مسؤولا من مكتب أشغال أمانة العاصمة عزا أسباب العبث الذي نراه في الشوارع حفرا وترقيعا إلى المواطن والجهات الخدمية وغياب القانون وقالها بالواضح : من الأسباب عدم تطبيق القوانين! وأنا هنا أسأله : وما الذي منعكم من تطبيقها¿ ثم نأتي إلى الجهات الخدمية فيفترض أن أمانة العاصمة أنشئت حتى ليتبعها الوزراء بما يخص نطاقها وليس العكس فما الذي ينقصها حتى تمارس ما هو منوط بها¿ وأوله أن تجمع كل الجهات الخدمية في مجلس تنسيق واحد يحكى عنه كثيرا وعلى الواقع لا وجود له!! هل أصبح من المتعذر أن تنخرط كل الجهات الخدمية تحت إمرة الأمانة وبالقانون¿ وحمل المسؤول في الإذاعة المواطن كما أشرت وبالفعل فالمواطن عامل سلبي في الأمر لسبب بسيط هو أنه لا يثق بكل الأجهزة ولن أزيد!! لم يشر المتحدث – وهذا ما ظللت أنتظره منه – إلى المواصفات في مناقصات سفلتة الشوارع السؤال هو : هل يتم استلام كل شارع تمت سفلتته حسب المواصفات التي وضعها المختصون¿ الشيء الآخر وهذا ينطبق على الطرق الطويلة : هل كل المقاولين مؤهلون بالفعل¿ أم أن هناك أسماء تتولى شق طرق كثيرة سفلتتها بأوامر تكليف وبعضهم يبيع هذه الأوامر من الباطن¿ أسئلة كثيرة مزعجة بحجم إزعاج الشوارع المرقعة التي نعاني منها أما الطرق الطويلة فلنأخذ المثل الحي من طريق صنعاء – تعز حيث بين كل مطب ومطب مطب وبين كل رقعة ورقعة رقعة المطبات تقدم صورة على عبث المواطن الذي لا يوقفه قانون وعلى عبث الأجهزة المختصة حين ترى الترقيع وهناك سؤال بديهي لم نجد له جوابا فحين تقوم جهة ما بحفر شارع ما ثم يأتي الجهاز الذي يقوم بإعادة الردم والسفلتة فترى الشارع ليس بنفس مستوى ما قبله¿ السؤال : لماذا¿ طريق صنعاء – تعز يحدث بها عبث لا أول له ولا آخر حيث لكل مطبه ولكل حسب موقعه من الأمر صاحب البطاط له مطب وصاحب الدكان له آخر وصاحب الجöزر له رابع وبائع له مطبات والله وفي وسط الشارع الرئيسي لمدينة إب التي يساء إلى خضرتها كل لحظة فوجئت برأسي يضرب في سقف السيارة بسبب مطب لا يوجد ما يشير إليه ولا تدري ما السبب الذي يوجد من أجله لذلك فما بين كل عشرة أمتار وأخرى مطب عليك أن تضيف لمقدمة سيارتك رادارا يكشف المطبات كما هو رادار الطائرات يكشف لك المطبات القادمة!! لنتخيل الآن حجم الأموال التي علينا إنفاقها لإعادة تأهيل شوارع العاصمة أما إذا تحدثت عن مدينة تعز فتلك قصة أخرى لها أول وليس لها آخر فشوارعها بحاجة إلى حل يأتي من السماء برغم كل الأموال التي صرفت على الشوارع مرة واثنتين وثلاثا وأربع ولا يمر على الشارع سوى ستة أشهر وظهر المخفي وكله إلى جيوب أصحاب التكاليف!! الآن علينا أن نجيب على السؤال الأهم : هل علينا أن نظل ندور في دائرة مفرغة نسفلت الشارع ثم نحفره ثم نرقعه ثم نعيد سفلتته من جديد¿! من أين لنا بالأموال¿! جدير بالحكومة أن تقف طويلا أمام هذا الإهدار الذي يكلفها أموالا طائلة البلد في أمس الحاجة إليها في مشاريع أخرى أتمنى – حقيقة – أن يوضع لهذا العبث حد سواء من قبل الأجهزة الخدمية أو المواصفات أو المواطن وأوقفوا إدخال منú لا علاقة لهم بشق وسفلتة في الأمر فالأوامر المباشرة هي التي خربت ألف طريق وهزمت ألف عمار رجاء لا تفرغوا المنجز الكبير – مجال الطرق – من محتواه فوالله لقد تحقق للبلد الكثير بفضل الطريق فلا تسمحوا لأصحاب المصالح الشخصية هزيمة هكذا مشاريع كبيرة.
 
bajash22@gmail.com

قد يعجبك ايضا