التخطيط..والحماقة الراسخة!
عبدالله حزام
عبدالله حزام
شدتني مقولة مؤداها:”كثير من مشكلات اليوم ناتجة عن قرارات اتخذت بالأمس”..والمشكلة أن أغلب قرارات الأمس لدينا ابتداء من بيت العمر وانتهاء بالقطاعات الحكومية والخاصة معمدة (بالبركة ) لا أكثر ولا علاقة للتخطيط بها من قريب أو بعيد.. وظل معها السؤال قائما إلى أن أتت تجربة التخطيط والتخطيط الاستراتيجي على “سن ورمح” ..التي نسمعها مدوية على لسان المسئول والقيادي الحزبي وأستاذ الجامعة وحتى المقوت غير أنها تجربة تخيب الظنون..!!
وهنا من حقكم أن تسألوا كيف يحدث ذلك في زمن يعيش فيه الناس ببركة التخطيط البعيد والمتوسط والقصير المدى ونعيش نحن ببركة دعاء الوالدين¿ ..والتخطيط من أجل التخطيط بعيدا عن أفعال الحركة التي تبدأ بـ :افعل وحقق.¿! إنها مفارقاتنا العجيبة التي منها كثرة الخطط والاستراتيجيات وزيارات الخبراء الأجانب التي نستطيع أن نلحظ تناميها المتزايد في مطاعم (حدة) ويمولها بعناية بند (استضافة )في ميزانيات الجهات السنوية..حتى نكاد أن ندخل بتركة من هذا النوع التخطيطي الهائل والاستراتيجيات موسوعة (غينيس) للأرقام القياسية..ويحدث كل هذا في الوقت الذي لازلنا فيه نتحدث عن البداية التي قال عنها أفلاطون :أنها أهم جزء من أجزاء العمل ..وهنا مصيبة بسعة قرص (التيرا )السعة الأكبر في الكمبيوتر.!
واسأل بحق العيش والملح الذي بين كل رئيس ومرؤوس منا وبين الوزارة أو المصلحة أو المؤسسة التي يعمل بها مع أن عديدين خانوا ذلك العيش والملح وجهدوا في لهف ما خف وزنه وغلى ثمنه واستحقوا رتبة فاسد (أبو أسد) لكن مع ذلك أسأل البقية :من منا قرأ قرار إنشاء الجهة التي يعمل بها ووقف على طبيعة دورها..¿! وأستميحكم عذرا لأني سأجيب على السؤال بالاستناد إلى الواقع بالقول: القلة القليلة ممن حباهم الله مهمة التخطيط في تلك الجهات هم من يلتفتون لمراجعة قرارات الإنشاء وطبيعة الدور وبقية (الغرامة ) عميان وهذه من مصائب غياب التخطيط.. والقائد المخطط!
وأصدقكم القول أن ذاكرتي الشخصية لم تسجل حديثا لا لمسئول حكومي أو معارض من نوع أين نقف الآن¿ وكيف نرسم استراتيجية¿ وكيف نصل إليها¿ وكيف ننفذها ¿ثم أين نريد أن نكون¿.وهي الأسئلة التي سأل العالم نفسه بها قبلنا ومضى فيها كمهمة مقدسة انطلاقا من حكمة الحاجة إليها قبل المال المطلوب للتنفيذ فوصل وتوقفنا نحن عند عتبة الخيبة وليس ثمة ماهو أسوأ مما نحن فيه!!
وما يزيد الطين بله التزام صناع القرار المتعاقبون بمبدأ الإبقاء على إرث الخطط والمشاريع المنتهية الصلاحية ان وجدت والتي بعضها حكما في خانة الميت سريريا..
والعجيب أنك تجد أحدهم يلوم نفسه إذا ما فكر في التخطيط وتسيطر عليه (أنا) متضخمة ومصلحة شخصية تقوده حتما إلى عقدة :أنا لن أقطف ثمار ذلك التخطيط بل من سيأتي بعدي!..ومعها يتجه أوتوماتيكيا إلى الإنجاز السريع والكسب السريع المحشو بالأخطاء فتذهب دراهمنا في كثير من الخطط والمشاريع إلى سوء المنقلب !!.
والقول الفصل أن التخطيط ثقافة وهذه “أثقل من جبل عندنا”مع أن التخطيط ضابط إيقاع مسارات التنمية والتقدم والعمل والموصل إلى الهدف الذي قال عنه لاعب فريق اليانكيز(نيويورك)للبيسبول ومديره مرة:”أن كنت لا تعرف هدفك فسوف تصل إلى طريق آخر لا ترغب فيه “..وهذا ما نفتقده والحصيلة ارتجالية تعج بالأخطاء والخلل والفساد.
لكن ما ينبغي أن نلتفت إليه كي نؤسس لتراكمية الإنجاز هو أن نبدأ بالتخطيط من الأسرة ومع الصغار الذي يجب أن نورثهم فطرية التخطيط المالي وليس الفوضى والتسيب الإنفاقي الذي تنتهجه بعض الأسر نحو الترفيه والقات والوجبات السريعة.. ثم لماذا لا نيمم وجهنا شطر (منبع الشمس )اليابان التي تنفق على التعليم والعلم أكثر..وليكفينا أن نأخذ منها هذه فقط مادمنا نتحدث عن تجارب الآخرين والاستفادة منها.
وحتى ننجح جربوا الابتعاد 100قدم عن أوجه الحماقة الراسخة في وجداننا والتي تجعلنا نعطي الأولوية لتضخيم الذات وأننا فوق مستوى النقد والهجوم وتنسينا سخط الجمهور المتعامل مع هذه الجهة أو تلك ربحية كانت أو غير ربحية ..اعملوها وانصروا مؤسساتكم. مركز تطوير الإدارة العامة ابد الدهر فتشوا عن الإدارة! ..ومرة قلت حديثا في هذه الزاوية عن مركز تطوير الإدارة العامة بجامعة صنعاء المتخصص بتأهيل القيادات الإدارية وذكرت يومها علماء من القائمين عليه والأساتذة واليوم اقتربت من علمين في الإدارة هما الدكتور احمد الحضرمي الخبير في التخطيط الاستراتيجي والدكتور مرهب الأسد الذي يحاضر في جامعة ليفربول!! وعندما تستمع لهما تصفع ناصيتك وتسأل ندما لماذا نأتي بالخبراء الأجانب ليخططوا لنا ولدينا مثل هؤلاء “اقرب من اللسان للأسنان” وأصحاب التجربة التي هي العلم الكبير كما يقول العرب !!:أعود وأقول :أنها الثقافة المبنية على أن المخلص والمنقذ لابد أن يأتي من خارج الحدود.. أكرر: متى ننفك من ه