موت حقيقي وعدائيات مبطنة!
علي ربيع
علي ربيع –
حين تهب العاصفة لا تنتقي ولكنها تأخذ الجميع ومن يظن أن في إمكانه اليوم اللعب بالملفات الخطيرة نكاية بخصومه أو تأكيدا لزاوية النظر التي يرى منها فهو مخطئ ولعل ملف القاعدة في اليمن واحد من تلك الملفات التي يحاول البعض أن يقرأها بغباء فطري أو مصطنع ليقلل من حجمها أو يجيرها في اتجاه يشير إلى أكمة الخصوم السياسيين دون إدراك أن هذا الملف عبارة عن كارثة حقيقية نكبت بها اليمن في ظل ظروف استثنائية وهي الآن تتمدد مستغلة لحظة صراع الإرادات السياسية في المسار الوطني الرسمي بما يمثله من مكونات الدولة وأجهزتها وأحزابها السياسية.
< الخطاب الذي ينكر الخطر المحدق بكيان الدولة وحياة الأبرياء جراء استفحال هذه المشكلة وتمددها هو خطاب يتعامى عن المسؤولية الوطنية وإنكاره هذا إما يعني أنه هو المتحكم بخيوط اللعبة في إطار مخطط يرسم أبعاده ويدرك أنه يتحكم بنتائجه وإما أنه ليس من الأهلية الكافية ليكون طرفا وطنيا قادرا على قراءة المعطيات على أرض الواقع وهذا مبرر كاف يجعلنا نجزم بكارثية تصدره في مربع المعترك السياسي.
< أما الخطاب الذي يدرك خطر القاعدة ويقرأ متواليات هذه الخطورة على الأرض لكنه يتهم بها خصومه السياسيين فهذا خطاب كيدي يبحث عن شماعات يعلق عليها الأمراض الاجتماعية وحال هذا الخطاب كحال الجار الحاقد الذي يوجه التهم بأي جرم مبهم إلى جاره دون أن يكلف نفسه عناء البحث والتدقيق عن المجرم الحقيقي.
< صحيح أن القذارة السياسية لا تتورع عن اللعب بالملفات الخطيرة في إطار مراوغاتها السياسية لكن هذا لا يعني عدم وجود هذه الملفات القاعدة تقتل يوميا وتتمدد في بيئة اجتماعية بالغة التعقيد يمتزج فيها القبلي بالديني وتنمو فيها خطابات العنف في سبيل المقدس وهذه حقيقة يجب أن تعترف بها المنظومة السياسية في المسار الرسمي بكاملها لتجد لها الحلول المناسبة.
< فضلا عن ضرورة أن نعترف أن الحقيقة المرة هي أن المستقبل شائك ومرعب بالنظر إلى المعطيات التي ترزح تحت أثقالها الساحة الوطنية ولاندري ما الذي يمكن أن يسفر عنه مؤتمر الحوار ولسنا متيقنين هل ستحضره أطراف الصراع برمتها وهل ستسلم لخيارات مشروع الدولة الوطنية بدون اشتراط استحقاقات على حساب المشروع الوطني العام¿ وهل في مقدور حكومة الوفاق التحكم بمسار الحوار ونتائجه وهل ستمر السنتان الانتقاليتان لتزف لليمنيين بشرى الدولة الوطنية الجديدة القائمة على أسس لا تزعزعها عوامل الطبيعة الاجتماعية ولا تسطو على مساراتها القوى التاريخية النافذة¿